قلب متحجر
حتى إذا وصلت هناك هتفت بوالدتها التي فتحت لها الباب
ماما انتي لسة قاعدة بهدوم البيت مخرجتيش ليه مع عبد الرحيم يوديكي عند شهد
تلجلجت نرجس قليلا بتوتر قبل أن تجيبها
يا بنتي ما انا رايحة اهو على ما اختك تجهز وتخلص هو انتي عرفتي اللي حصل لشهد منين
أجابتها رؤى تردف على عجالة وهي تدلف لداخل المنزل
انا قابلت عبد الرحيم وهو نازل من عندكم وقالي المهم يالا بقى خلصونا يا أمنية ياللا يا أمنية...
ايوة أيوة يالا إيه بقى هو احنا رايحين فسحة
تفاجأت رؤى وهي تجدها بملابس المنزل هي الأخرى تضع الهاتف على أذنها وتتحدث بهدوء لتصيح بها
هو انتي كمان لسة ملبستيش امال امتى هتجهزي زي ما قالت والدتك بلاس برودك دا دلوقتي يا أمنية عايزين نلحق نطمن على شهد.
بملامح ممتعضة ردت أمنية
صړخت رؤى تخرج عن طورها الهادئ
تستأذني خطيبك على مشوار اختك اللي وقعت في المستشفى ومحدش فينا معاها لييه كان كاتب كتابه دا حتى لو كان برضوا في حاجة زي دي مش عليكي حرج.
برضوا مينفعش انا لازم استأذن.
بوجه محتقن وأعصاب على وشك الانفجار خاطبيتها رؤى
ماشي يا ست المطيعة خلصينا بقى ونيلي اتصلي مستنية ايه ولا التليفون أصلا على ودانك بيعمل ايه
ردت أمنية بصوت مرتبك
ما انا بحاول من ساعة ما مشي الواد ده اللي اسمه عبد الرحيم بس ابراهيم لسة ما بيرودش باينه نايم بقى ولا إي.......
صړخت بها رؤى لتتابع بعدم احتمال
عايزة تنتظري لحد اما يصحى الباشا ولا يتكرم ويرد عليكي لا بقى دا ما سموش برود دي التناحة بعينها..
تحركت بخطواته تردف
انا رايحة لعبد الرحيم رايحة معايا يا ياما
اضطربت حدقتي نرجس وذهبت أنظارها نحو أمنية التي ضيقت عينيها بتحذير لكن رؤى كانت اقوى في صيحتها
اتحركي بقى يا ماما هو انتي لسة هتستني الهبل ده بنتك عايزة تستنى المحروس بتاعها يبقى مع نفسها لكن انتي مينفعش قعادك اكتر من كدة يالا يا ماما.
صړاخ وعويل رجال ونساء حولها يناظرنها بشفقة وهمسات وكلمات عديدة لم تفهم منها شيء وهي مصرة أن تتخطى وټقتحم داخل المنزل المكتظ بالبشر حتى دلفت لداخل الغرفة الحبيبة فذهبت بعينيها نحو الفراش لتجد أمامها جس د مستلقي عليه دون حراك مغطى نصفه بملاءة بيضاء والنصف الأعلى مكشوف لتكمل بأنظارها على الجلباب المغبر ثم الوجه المغرق بالډماء والأتربة تغطى معظم ملامحه و..... لقد علمته!.... إنه هو.... هو ... باباااا ......
شهد فوقي يا شهد شهد شهد.
خرجت الأخيرة بقوة تتنزعها من ظلمتها لتجد وجهه أمامها بجزع يردد لها
هو انتي كنتي بتحلمي يا شهد انا بكلمك.
كانت تتنفس بصعوبة وأعين جاحظة على ملامح ملتاعة جعلت قلبه يسقط داخل ص دره يردد لها
يا شهد فوقي وكلميني ولا اروح اندهلك الدكتور.
دكتور إيه
همست بها لتستعيد وعيها اخيرا وترى الصورة جيدة داخل الغرفة ذات الجدارن البيضاء ابرة مغروزة على ظهر كفها موصولة بأنبوب طويل لمحلول معلق في اعلى العمود الرفيع بجوار التخت النائمة عليه وهذا المدعو حسن مائلا بجس ده نحوها ومازال يخاطبها بقلق
انتي واعية دلوقتي عشان تكلميني ولا اجيب الدكتور زي ما قولتلك
نفت برأسها واستدركت لتتمالك وتعتدل بجزعها على الفراش الطبي لتحاول بيأس السيطرة على ارتجافها والذي فضحه صوتها المهزوز
هو انا إيه اللي حصلي وليه المحاليل والرقدة هنا على سرير المستشفى
تحمحم حسن بعد ان اطمأن قلبه قليلا بعودتها وتناول المقعد القريب ليجلس بالقرب من تختها ويجيبها
المحاليل والرقدة هنا في المستشفى دا بأمر من الدكاترة بعد انتي ما اغمى عليكي.
رددت خلفه متسائلة بعدم تذكر
أغمى عليا انا اغمى عليا طب ليه
الكلام دا حصل بعد ما شوفتي عبيد وهو خارج من اؤضة العمليات يا شهد.
قالها حسن ليجد انعكاس كلماته على ملامحها التي تغضنت بتأثر تغمض عينيها پألم وكأن تذكرها لعبيد اعاد عليها ذكرى اپشع....
سألها حسن يجفلها
شهد هو انتي إيه اللي خلاكي افتكرتي والدك
زادت بإغماض جفنيها لعدة لحظات صامتة حتى جاء ردها في الاخير برفض
ممكن ماتسألنيش السؤال ده عشان بصراحة لا انا عايزة ولا قادرة ارد.
تطلع بعينيها وهذا الرجاء بهما ليرى جرحها الغائر والذي تحاول جاهدة أن تخفيه خلف قشرة صلبة بهيئة الرجال حتى لا يرى أحد ضعفها تنهد حسن بثقل ما يشعر به تجاهها في هذه اللحظة وقال مهونا
خلاص يا شهد مش هسألك انا بس هقولك تهدي شوية عشان تقدري تستعيدي صحتك مرة تانية.
صحتي! ليه هو انا عندي إيه بالظبط
سألته بجزع وعينيها زاغت بتوتر فقال حسن
ميروحش فكرك لبعيد يا شهد انا اقصد الضغط على أعصابك الكلام دا هو اللي خلاكي تقعي من طولك النهاردة والدكتور اللي فحصك نبه ع الحكاية دي انتي اعصابك تعبانة يا شهد ولازم تستريحي.
تجعد جبينها لتسأله بعدم فهم
استريح ازاي يعني هو انا مش هقوم دلوقتي بعد ما اخلص المحلول ده.
تحركت رأسه بنفي أمامها يردف
لا يا شهد الدكتور امر انك تباتي الليلة في المستشفى ولما تروحي بكرة تستريحي في بيتكم كمان
اعترضت وهي تحاول أن تنزع ابرة المحلول من كفها
خلاص يا عم يبقى استريح في بيتنا أحسن هو الموضوع مستاهل.....
اوقفها بمسك ي دها الحرة قبل أن تتمكن من فعل ما برأسها العنيد ليهدر بها بحزم
اسمعي الكلام بقى بلاش استهتار الدكتور أمر يبقى تنفذي وانتي ساكتة.
برغم توترها من فعلته وقرب وجهها منه إلا أنها اصرت على عدم الطاعة بقولها
يأمر براحته وأنا بقى محدش يمشي عليا سيب إيدي يا حسن.
لأول مرة تلفظ أسمه بدون اللقب المهني له لأول يعرف بطريقتها الناعمة في نطق الأسم حتى أنها مرت على أسماعه وكأنها لحن موسيقي لأول مرة يراها بهذا القرب الجمال المتخفي خلف هيئة رجولية كاذبة تدعيها ولا تليق بها.
بقولك سيب إيدي يا حسن .
قالتها مرة أخرى غير دارية بحالته وهو يجاهد للتماسك أمامها فقال بصوت متحشرج
هسيبك يا شهد بس تبطلي تنشيف الدماغ ده.
اومأت رأسها بمهادنة حتى يتركها ففعل ولكن بحذر حتى لا تعود لما تفعله مرة أخرى أما هي فقد ابتلعت ريقها بارتباك واضطراب في مشاعر تستشعرها الان بعد فترة طويلة من السنوات وقد ظنت أنها اندفنت