الأربعاء 27 نوفمبر 2024

فإذا هوي القلب بقلم منال سالم

انت في الصفحة 20 من 52 صفحات

موقع أيام نيوز


من تصلح للإنجاب خاصة أنها تعرف معاناته السابقة مع زوجته الراحلة..
هزت جليلة رأسها بإيماءة قوية وهي تضيف
بصراحة أه وكفاية إننا عارفينها ومضمونة ومتربية وسطنا! يعني لا في يوم هاتقل أدبها ولا....

قاطعها منذر
متسائلا بجمود
وتفتكري هي هترضى تتجوز تاني
أجابته مستنكرة تفكيره في احتمالية رفضها له
وهي تستجري ترفض هي هتلاقي أحسن منك فين
أيقن منذر أن والدته قد وضعت تلك المطلقة ضمن مخططاتها للزواج وهو ليس به الرغبة للحديث في هذا الشأن حاليا فعلى عاتقه الكثير من الالتزامات والمسئوليات لذا رد عليه بحزم
بصي يا أمي مش وقته الكلام في الموضوع ده إنتي بتقولي مطلقة من كام يوم يعني لسه في موال عدة ومشاكل وبلاوي مع طلقيها وأنا مش عاوز ۏجع دماغ!
بررت له سبب تمسكها بها قائلة
ماهي مش هاتفضل على طول في القرف ده وافق انت بس وأنا هاتصرف بعدها!
رد عليها بنبرة حاسمة وهو يتحرك صوب باب الغرفة
أما يجي وقته!
ابتسمت قائلة بود
طب يا حبيبي على راحتك!
ثم خرجت خلفه وهي تتابعه بنظرات متريثة لكنها كانت متحمسة لكون الفكرة قد لاقت استحسانا لديه وما عليها فقط إلا التريث والانتظار ريثما تنتهي عدة نيرمين لتفاتحها في الزواج من ابنها...
أغلقت شادية باب المنزل خلفها واتجهت صوب الصالة لتجلس على أقرب أريكة وعلى وجهها علامات جادة للغاية علقت أنظارها بابنتها ولاء التي كانت تبحث عن هاتفها المحمول في حقيبة يدها وما إن وجدته حتى هاتفت زوجها مازن فبعد أن عادت من زيارة عيادة الطبيب النسائي كان حتما عليها الاتصال به لتبلغه برأيه النهائي في مسألة التخلص من الجنين الذي ينمو في أحشائها..
سألها مازن مهتما بعد أن رد على اتصالها
ها عملتي ايه
أجابته بصوت قاتم
الدكتور قالي صعب أعمل اجهاض
رد مستنكرا صعوبة تنفيذ تلك العملية
ليه يعني مافيش كام برشامة تاخديها وينزل مع نفسه
اغتاظت من استهوانه بالأمر وصاحت بصوت محتد
هي بالبساطة دي عندك
أنا مفكر يعني الموضوع سهل!
هتفت قائلة بحدة
لأ مش سهل خالص!
ثم صمتت لتلتقط أنفاسها قبل أن تتابع بصوت متردد
وأنا..... أنا مش عاوزة
توقع مازن أن تتفوه بهذا فحديثها السابق ما هو إلا مقدمات لنية مبيتة على التمسك بالجنين..
لذلك رد عليها بفتور
براحتك شوفي اللي عاوزاه واعمليه!
ثم زاد من قوة نبرته ليضيف محذرا
بس افتكري كلامي لما....
قاطعته قبل أن يتم عبارته قائلة بصوت متشنج
مازن أنا لو عملت اجهاض ممكن مخالفش تاني 
تعجب من كلامها وسألها مستغربا
نعم ليه إن شاء الله
أجابته بصوت محتد
الدكتور قالي إنه فيه خطۏرة عليا وأنا مش مستعدة أخسر حياتي عشان حاجة زي دي!
صمت مازن ولم يضف المزيد فهي بحديثها هذا تظن أنها وضعته في خانة اليك لتضغط عليه لكنه على العكس تماما لم يكن مكترثا بما تفعله ففي النهاية هو في تحد مع غريمه دياب ولن يعبأ إلا بما يكدره ويعكر صفو حياته حتى لو كان للأمر علاقة بولاء..
لاحظت هي صمته الذي طال فسألته بضيق
سكت ليه
رد عليها بصوت جاف
اللي انتي عاوزاه اعمليه يا ولاء!
سألته بتوجس وهي تستشعر الخطړ
طب ودياب
رد عليها بتساؤل موجز يحمل الضيق
ماله
هتفت متسائلة بتوتر
هانتصرف معاه ازاي
صمت للحظات تاركا إياها تظن أنه يفكر في حل للمشكلة ولكنه صدمها بعد ذلك بالرد بجمود بارد
بصي يا ولاء أنا عندي شغل دلوقتي هاكلمك بعدين نتفاهم!
اغتاظت من رده الغير شافي وتمتمت بصوت محتقن
ماشي براحتك!
ثم أنهت المكالمة معه وألقت بهاتفها على أقرب أريكة..
نفخت بحنق وهي تدور بحيرة في أرجاء الغرفة مرددة من بين شفتيها بشراسة
مش هتعرف تتهرب مني يا مازن! احنا سوا في الليلة دي لحد الأخر!
هزت شادية ساقها الموضوعة على الأخرى بحركة ثابتة وهي تتابع المكالمة الدائرة بين ابنتها وزوجها فقد أصرت على
أن تجريها أمامها لتعرف بنفسها ردة فعل زوجها.. 
وصدق حدسها..
رمقت هي ابنتها بنظرات مزدرية قبل أن تقطع صمتها الإجباري قائلة بتوبيخ
جالك كلامي مش قولتلك من الأول إنه ندل!
زفرت ولاء بإحباط ودست أصابعها في فروة شعرها المتناثر لتنفضه بعصبية وهي تتساءل
اتصرف ازاي دلوقتي
توقفت شادية عن تحريك ساقها ثم أخفضتها لتتمكن من النهوض..
أصبح وجهها خاليا من التعابير لكن نظراتها كانت مليئة بالوعيد..
ردت على ابنتها بثقة جادة
مش انتي اللي هاتعملي حاجة ده دوري!
سألتها ولاء بتوجس وهي تضم ذراعيها معا أمام صدرها
ناوية على ايه يا ماما
أجابتها شادية بغموض
على الصح يا ولاء!
لفت حنان الشال الحريري المغزول يدويا حول عنقها ليعطيها بعض الدفء رغم اعتدال حرارة الجو لكنها كانت تشعر ببرودة خفيفة ټضرب في جسدها المرهق ربما نتيجة السفر وتغير الجو فأصيبت بأعراض البرد لم ترغب في إثارة قلق ابنتها فعمدت إلى الوسائل القديمة والدائية في التدفئة من أجل التعرق وإخراج الحرارة الزائدة من الجسد..
أكملت بعد ذلك وضع حجابها على رأسها وأمسكت بحقيبتها لتتفقد ما بها من أموال ثم أسندتها على حجرها وقعت عيناها على حافظة نقودها الجلدية فمدت يدها لتسحبها للخارج لتنظر بها.
كانت تضع في داخلها عدة صور مختلفة أخرجتهم بحذر لتتأملهم بنظرات مشتاقة جمعتها الصورة الأولى مع زوجها الراحل وابنتهما أسيف وهي في عمر مبكر..
ابتسمت بعفوية وهي ترى صغيرتها متشبثة بها بيد وجاذبة لياقة أبيها بقبضتها الأخرى ضحكتها كانت بريئة صافية تسلب الألباب وتآسر القلوب تنهدت بعمق وأزاحت الصورة لتشاهد التالية الموجودة خلفها كانت لأسيف وهي في المرحلة الثانوية بعد أن تحجبت. 
لازل وجهها يحتفظ بملامحها الصغيرة رغم بلوغها..
ابتسمت لها وأكملت تطلعها في الصورة الثالثة والتي التقطتها في استديو التصوير أثناء تقديم أوراقها للإلتحاق بكلية الزراعة..
تذكرت رغبتها آنذاك في الانضمام لتلك الكلية خصيصا لتعاون أبيها في أعماله بأرضه على أسس علمية و بالطبع فرح رياض بتفكيرها وحماسها وساعدها في شرح بعض المواد التي كانت تتعذر عليها دراستها وبعد تخرجها رفض أن تشاركه ذلك العبء وأثر أن تظل إلى جوار والدتها.. 
أخرجت حنان تنهيدة حارة من صدرها وهي تتذكر شكل أسيف حينما منعت عن ممارسة ما تعلمته على أرض الواقع لكن والدها كان محقا من وجهة نظره هو لم يرغب في إرهاقها وتحميلها مسئوليات ستؤرق ليلها وتكدر صفو نهارها.. بل ستقلب حياتها چحيما..
نعم هو أكثر الناس دراية بطبيعة شخصية ابنته الهشة و الرقيقة والحياة تسحق بضراوة الغير قادر على مجابهتها لذا رفض بعناد أن يلبي رغبتها في العمل وبقيت في المنزل ترعى والدتها لم يمر الكثير على ذلك الأمر حتى مرض رياض وساءت حالته وتطور الوضع سريعا ليلقى ربه في نهاية المطاف ترقرقت العبرات في عينيها حزنا عليه وقاومت بشدة رغبتها في البكاء مدت أناملها لتمسح دمعاتها قبل أن تراها صغيرتها وتنفست بعمق لتضبط حالتها النفسية..
خرجت أسيف من المرحاض الملحق بالغرفة لتسأل والدتها باهتمام
جاهزة يا ماما أنا خلصت لبس!
عمدت حنان إلى رسم ابتسامة صغيرة على ثغرها ثم رفعت أنظارها اللامعة في اتجاه ابنتها..
تأملتها بنظرات ممعنة لتتأكد من ملائمة ثيابها وحشمتها.. 
لم تكن أسيف بحاجة إلى هذا فهي دائما تحبذ إرتداء الثياب الفضفاضة التي لا تبرز معالمها الأنثوية كان ثوبها بسيطا مزركشا بألوان مبهجة تسر الناظرين وحجابها من اللون الأزرق الباهت يتماشى مع إحدى درجات ثوبها..
ابتسمت لها قائلة بنبرة لطيفة
اه يا بنتي يالا بينا!
هتفت أسيف بمرح وقد بدت نظراتها متفائلة
أنا نفسي أشوف شكل عمتي دي أوي

يا ترى شبه بابا ولا لأ
تلاشت ابتسامة حنان وحل الوجوم على وجهها.. نعم فهي تتذكر عواطف الصغيرة الواقفة إلى جوار أمها عزيزة ذات الوجه الصارم والنظرات الشرسة تلك السيدة الجبارة المتسلطة التي لا تعرف للرحمة أي معنى في حياتها..
تمتمت بخفوت حزين وهي تنفض عن عقلها صورتها المخيفة
يا ريت تكون زيه مش زي أمها!
لم تسمع أسيف جيدا ما رددته والدتها فسألتها باهتمام
بتقولي ايه يا ماما
حاولت حنان أن تتصنع الابتسام وهي تجيبها
مافيش حاجة! يالا يا بنتي 
حركت أسيف رأسها بإيماءة موافقة ثم اتجهت نحو والدتها لتقف خلفها وتملكها الحماس وهي تدفعها من مقعدها قائلة بابتسامة سعيدة
إن شاء الله هاتكون زيارة حلوة!
لم تعقب عليها حنان.. فما مرت به مع عائلة زوجها لا يجعلها تستبشر خيرا مطلقا...
استقبل الحاج مهدي السيدة شادية بداخل مكتبه الملحق بالمطعم..
وطلب لها مشروبا باردا لتتناوله لكنها رفضت أخذ أي شيء قبل أن تتطرق إلى موضوعها الخطېر..
سألها هو باهتمام وقد ظهر القلق على محياه
خير يا شادية زيارتك دي وراها ايه
أجابته بغموض وهي تنظر له بتأفف
ابنك مازن!
تقوس فم مهدي للجانب مرددا على مضض
ماله المحروس!
أجابته بصوت قاتم ونظراتها إليه لم تتغير
ابنك متجوز بنتي
اتسعت حدقتي الحاج مهدي پصدمة جلية وفغر فمه مشدوها منها ثم صاح مستنكرا
ايييييه!!!!
ردت عليه بهدوء مريب
اللي سمعته يا مهدي!
نهض واقفا من مقعده وانحنى للأمام ليستند بمرفقيه على مكتبه ليحدق بها بنظرات مشټعلة.
صاح متسائلا بصوت غاضب وهو يضرب بكفيه على السطح الزجاجي
انتي جبتي الكلام ده منين وازاي
نظرت له شادية شزرا وبدت أكثر برودا وهي تجيبه بصوت قوي
في ايه يا مهدي ولاء بنتي ومش بتخبي عني حاجة!
أجابته بثقة وهي تتعمد الحفاظ على ثبات انفعالاتها
اه من أول ما فكر في ده 
ضړب مجددا پعنف على السطح الزجاجي للمكتب هاتفا پغضب
ووافقتي على المصېبة دي يا شادية طب ليه
أجابته بهدوء مستفز
كانوا عاوزين بعض 
بدا الأمر وكأنه قد تم الترتيب له بالكامل.. وبالطبع كان هو أخر العالمين به..
تهدل كتفيه للأسفل وارتخى جسده وهو يجلس مصډوما على مقعده
ازاي يعمل كده ومايقوليش
انتصبت شادية في جلستها وأصبحت أكثر تحفزا وهي تضيف
مش مشكلتي إن ابنك مخبي عليك موضوع زي ده مشكلتي معاه انه عاوز يجهضها!
انفرجت شفتاه پصدمة أغرب مما يسمع.. وتمتم مذهولا
ايه كمان!
تابعت هي قائلة بجدية مھددة إياه
ومن الأخر كده أنا مش هاسمح لبنتي تضر نفسها وابنك قاعد ولا على باله! 
ضړب الحاج مهدي كفا على الأخر مستنكرا أفعال ابنه الغير موزونة وهتف بصوت متحشرج
يخربيتك يا مازن إنت عملت ايه يا متخلف!
كان مهدي يعلم جيدا أن فعلة كهذه إن وصلت إلى مسامع دياب فسوف تتسبب في إندلاع المشاجرات العڼيفة من جديد بين العائلتين. 
كز على أسنانه بحدة حتى كاد يحطمهم من فرط غضبه..
وحاول التفكير بتعقل في حل لتلك الکاړثة الفجائية التي ربما كما يقال في الدارج ټحطم المعبد على من به مدمرة كل شيء في طريقها..
لم تعبأ شادية بحالة مهدي المصډومة واستأنفت حديثها قائلة بنبرة عدائية
شوف لحد دلوقتي أنا هادية وبأتكلم بالعقل فبلاش تختبر صبري يا مهدي بنتي عملت كل اللي ابنك عاوزه وخسړت ابن حرب الجلد والسقط لكن هي تخسر ولا تتأذى شعرة منها مش هاسكت وإنت عارفني كويس!
ثم نهضت
 

19  20  21 

انت في الصفحة 20 من 52 صفحات