ندوب الهوي بقلم ندا حسن
التحكم بنفسه وبدقاته من كثرة الفرحة التي تجتاحه أخذتها منه ونظرت إليهم بابتسامة هادئة ثم رفعت نظرها إليه متمتما بالمباركة بصوت هادئ..
ثم وضع يدها بيده وتوجه بها إلى الخارج وأخذت مريم تطلق الزغاريد بصوت بشع لأنها لا تدري كيف تفعلها من الأساس ولكن فعلتها لأجل شقيقتها فقط..
كان الزفاف في قاعة كبيرة وكل ما بها كان يليق ب جاد أبو الدهب وعائلته تواجد الأهل جميعا والجيران والأصدقاء وكل من كان يعرف جاد و هدير ومن يخصهم امتلئت القاعة بحضور كثير من الأشخاص لدرجة أنه لم يعد هناك مكان بها..
جعلوه يرقص معهم والفرحة تتطاير من وجهه إلى وجوه الجميع وقلبه يرقص قبل منه على حلم قد تحقق غاب يحلم به لسنوات..
نظرت إليه من بعيد وهي جالسة في المكان المخصص للعروسين الكوشة ممتنعه عن الرقص أمام كل هؤلاء الناس كما فعلت في يوم الشبكة أملت عينيها منه ومن وسامته التي لم تراها من قبل..
لقد أصبح زوجها حقا!. إنها إلى الآن لا تصدق لقد كان حلم بعيد يحلق في الأفق تحلم به كل يوم وتدعوا أن تتلاقى النجوم معه مقررة جمعهم سويا ليحدث ذلك بعد عامين من الدعاء المتواصل وليكن لها نصيب به بقدرة من الله عز وجل..
خلف شقيقتها وآخر من خرج من عش الزوجية الخاص بهم بعد انتهاء ليلة العرس الطويلة التي استمرت إلى الساعة الواحدة والنصف صباحا ولو بقيت أكثر لكان الوضع استمر ولكن والده أنهى الليلة إلى هنا ليرتاح الجميع..
دلف إلى الداخل مرة أخرى بخطوات ثابتة واثقة تقدم إلى داخل غرفة النوم ليراها تقف أمام المرآة بخجل شديد وربما جسدها يرتجف!.. ليس هناك داعي لكل ذلك تنحنح بخشونة ودلف ليقف خلفها ناظرا إليها عبر الماء ثم قال بأريحية ومرح ليبث الأمان والراحة بها
ابتسمت عبر المرأة ووجهها لونه يميل للأحمر وهتفت قائلة بجدية وتحدي تحاول أن تخرج من قوقعة التوتر والخۏف
روح وأنا هاكل لوحدي
رفع أحد حاجبيه وأغمض عين واحدة ينظر إليها بتساؤل وعبث
إحنا فينا من كده
ضحكت بصوت خاڤت وأردفت مجببة إياه بجدية وحزم
وأبو كده
هذه المرة هتف بجدية وهدوء بعد أن وضع يده الاثنين على كتفيها بحنان وداخله يدعوه للاقتراب أكثر
ابتلعت ما بحلقها ونظرت إلى عينيه عبر المرأة ثم إلى يدها التي تضغط عليها كالعادة عندما تتوتر وحركت شفتيها بحرج قائلة
طيب أنا.. أنا مش هعرف افك الطرحة لوحدي
تعمق في نظرته لها عندما رفعت عينيها وبكل الحب المكنون داخل قلبه لها أجاب
أومأت برأسها بهدوء وخجل سيطر عليها وحاول التوتر أن يغلبها ولكنها تماسكت وابتسمت له بترحاب عندما رأته يفك طرحة فستانها ويزيل عنها الإبر المثبتة إياه استغربت حيويته ومرحه معها وهدوءه رغم أنه تعب كثيرا في الأيام الأخيرة بالتحضير للزفاف وانهاء كل ما لزم عش الزوجية وإلى اليوم لقد تعب كثيرا عن حق..
أردفت وهي تساعده في فكها
مش هتفرجني على الشقة..
رفع عينيه الرمادية ليتقابل مع عسلية عينيها عبر المرأة وأردف مجيبا بحب وحنان بالغ
عيوني يا وحش
يسلموا عيونك
انتهى معها من فك الطرحة
ليزيلها عنها ثم وضعها على المقعد المتواجد أمام المرآة وزال الربطة المتواجد بخصلات شعرها لينسدل على ظهرها فأمسكه بيده الاثنين وأخذ يفرده على ظهرها وعينيه لا تتحمل كل ما يراه بها من جمال وروعة..
رفع نظره إليها مرة أخرى عبر المرآة بعد أن شعر برجفتها على إثر فتحه لسحاب فستانها أطال النظر إلى داخل عينيها وداخله لا يستطيع المقاومة أكثر من ذلك.. لقد انتظر كثيرا ولا يستطيع الانتظار لبضع دقائق أخرى حتى..
شعرت بما يدور داخله فاستدارت له سريعا تقابله بوجهها وتحدثت بجدية بعد أن ابتلعت ما وقف بجوفها
طيب أطلع غير بره وأنا هغير هدومي وأخرج اتوضا
تنحنح بخشونة ثانية وأغمض عينيه بقوة ثم فتحهما وهو يتحدث بينه وبين نفسه بالانتظار قليلا بعد أومأ إليها برأسه وتوجه لخزانة الملابس المتواجدة في غرفة النوم فتحها ثم أخرج منها ملابس له وخرج من الغرفة دون أن ينظر إليها..
أسرعت خلفه حاملة الفستان بيدها لتغلق الباب خلفه ثم وقفت وراءه تضع يدها على موضع قلبها وتستمع إلى دقاته والابتسامة على محياها تتسع أكثر وأكثر لقد رأت لهفته في التقرب منها رأت حبه لها في حديثه وأفعاله صدقه في كل ما يفعله..
لو كان ما يحدث لها بين يوم وليلة حلم لن تحزن فقط لأنها عاشت معه ما تريده وتتمناه إلى الآن..
ابتعدت عن الباب وهي تحرك رأسها يمينا ويسارا والابتسامة لا تعرف طريق غير وجهها تقدمت لتخرج ملابس من الخزانة ثم تذهب للوضوء..
خرجت بعد قليل وهي ترتدي منامة حريرية لونها وردي بنطالها طويل وبلوزتها بنصف كم وعقصت خصلاتها للخلف خرجت لتراه يجلس في الصالة منتظر انتهائها وقف على قدميه بعد أن رآها وحاول أن يبدو طبيعيا وتحدث قائلا بنبرة رجولية هادئة
أنا اتوضيت ومستنيكي.. الحمام من هنا
أشار بيده على ناحية المرحاض لتذهب إليه دون خجل منه حاولت جاهدة في فعل ذلك لتنجح في النهاية ولم تستخدم يدها في الضغط عليهما..
خرجت بعد دقائق وعادت إلى الغرفة معه وارتدت إسدال لونه أسود
بحجابه للصلاة به كان معه اثنين من سجادة الصلاة فرش الأرض بواحدة وهي تعدل من حجابها ثم وضع الأخرى خلفه في اتجاة القبلة وأشار إليها ليبدأ الصلاة بها..
صلى بها ركعتين لتكن الصلاة خير فاتح لهم معا في حياتهم الزوجية ولم ينسى الدعاء سرا بينه وبين الله أن يتم عليه نعمة وجودها في حياته دون حزن وألم وكأنها هي الأخرى شعرت بما دعى لتفعل المثل..
استدار بجسده ملتفا ناحيتها بعد الانتهاء ناظرا إليها بحب وشغف يظهر على وجهه وكل عضو به وضع يده اليمنى بحنان فوق رأسها بعد أن أخذ نفسا عميقا ثم أخذ يردد بنبرة خاڤتة
اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها ومن شړ ما جبلتها عليه
ابتسمت له بعد أن أبعد يده عنها وأطالت النظر داخل عينيه تبادلة نظرته العاشقة الصامتة تبادله حبه دون الاعتراف المجرد من الأفعال الملموسة..
هتفت بصوت خاڤت وهي تنظر إليه دون أن تحيد عينيها عنه مثل السابق وهي تغض بصرها عنه
جعان صح. اجبلك أكل
وجه
أنا فعلا جعان.. جعان أوي يمكن من أربع سنين
نظرت إليه باستغراب كيف هو جوعان منذ أربع سنوات!. لابد أنه يمزح ولكن ملامح وجهه تقول عكس ذلك أبعدت تفكيرها عن عقلها الآن وهي تراه يميل عليها..
وضع يده اليمنى على وجنتها يحرك إصبعه الإبهام عليها بحنان وهدوء ثم أبعدها عن وجنتها ليزيل عنها حجابها بيده ويسقطه خلف ظهرها متعلق بالاسدال وزع نظرة مرة أخرى عليها ووجدها تنظر بعينيها في غير اتجاهه بخجل ووجهها يتحول للون الأحمر من شدة الخجل والحرج الذي هي به..
وضع يده الاثنين خلف رأسها وفي تلك اللحظات وجد عنوانها الاستسلام التام أمام مروره عليها بحبه وقبلته التي حرم نفسه منه ومن فعل أي شيء آخر حتى ولو كان حديث عابر ليناله برضا الله وحلاله ليكن في النهاية حلال يتفاخر به وينعم به أكثر وأكثر وليشعر بالسعادة وهو يحصل عليه وبينهما مودة ورحمة من الله عليهم بها..
يتبع
ندوب_الهوى
الفصل_الحادي_عشر
ندا_حسن
ليلة العرس كانت من أطول الليالي التي مرت عليهما معا ومن أجمل الليالي وأسعدها بفضل وكرم من الله ليلة طويلة عاشت بها كثير من اللحظات السعيدة بجواره متناسيه أنه إلى الآن لم ينطق بحبها بل استمعت بقلبها هذه الكلمات في تصرفاته وأفعاله ونظراته لها...
ارتوى جاد أخيرا بوجودها جواره أربع سنوات يعشقها في الخفاء منتظرا أن يأتي الوقت المناسب للبوح بما داخله ناحيتها وها هو قد أتى
ليروي اشتياقه وحنينه وليظهر شغفه وحبه لها عبر أفعاله ونظراته التي تتحدث بالنيابة عنه وترسل إليها كلمات الغرام دون مجهود وتتلقاها بفرحة عارمة
ليلة عاشوا بها معا ينعمون بحلال الله ويستمتعون به أكثر من أي شيء آخر ينعمون بأفضل اللحظات بينهم بفضل من الله الذي سهل لهم طريق الحلال لأنهم أرادوا السير به..
قبل اذان العصر في صباح اليوم التالي
وقفت نعمة وابنتها مريم أمام باب شقة هدير و جاد في المنزل المقابل لهم ومعهم والدته صاحبة الوجه الضاحك البشوش ابتسمت والدتها وهي تضع إصبعها السبابة على الجرس بجوار الباب وتحدثت لوالدته بحرج
والنبي زمانهم نايمين يا أم جاد.. كنا جينا بالليل ياختي
تقدمت والدته منها ثم وضعت إصبعها مرة أخرى على جرس الباب وهي تتحدث هاكمة
نايمين دا ايه لأ يصحوا بقى
أردفت مريم بسخرية وهي تبتسم تبادل والدته فهمية بتهكم
إحنا في العصر يا ماما هيفضلوا نايمين ل بالليل يعني
ضغطت والدتها بأسنانها على شفتيها بحركة شعبية وهتفت بحدة وضجر مستنكرة حديث ابنتها
ايش فهمك أنت اسكتي
أجابتها والدته فهيمة مرة أخرى بجدية وهي تضع الاكياس التي بيدها على الأرضية أمام الباب
عندهم ياختي وقت قدامهم طويل يناموا براحتهم
عادت نعمة إلى الخلف بظهرها لتستند إلى الحائط وقالت باستنكار وداخلها تود العودة حتى لا تقلقهم
وإحنا يعني هنناهم على نومه.. بالله الاسطى جاد هيقوم يكروشنا
استنكرت والدته الحديث وهتفت بحدة مكرره كلمتها ثم تساءلت بجدية
يكروشنا!.. يكروشنا ده ايه يا أم جمال ما أنا عايزه اطمن على هدير بنتي مش بنتي ولا ايه
تقدمت منها بجدية وهي تنفي سريعا مقدرة ذلك الحب الذي بداخلها لابنتها
لأ ياختي بنتك ونص وتلت تربع كمان
ضغطت مرة أخرى بحدة على الجرس لوقت طويل وهي تهتف بحنق وضيق من تأخره
الله ما تقوم بقى يا واد كل ده نوم
بينما في الداخل كان جاد في غرفة النوم متعمق في نومه ولا يشعر بأي شيء يحدث بالخارج منذ يومان وهو ينام بتقطع ولم يستطيع أن يحصل على الكفاية من نومه وبالأمس ليلته كانت طويلة ولم ينم إلا في الصباح فاستغل ذلك الوقت لينعم ببعض الراحة والهدوء في فراشه جواره زوجته التي كان يحت ضنها بيده يضعها أسفل رأسها والأخرى ممده جواره على الفراش وقابلته هي بيدها