امانة
نعمة وأمانة ولكن نوح قد تجمد فى وقفته وهو يراقب ماحدث ورغم أنه شكر لاسامه فى نفسه صده لها إلا أنه استشاط غيظا من فعلتها واضطر أن يتصنع عدم ملاحظته لفعلتها وأنه كان مشغولا بهاتفه ليقول وهو يسير ناظرا إلى هاتفه ها ياجماعة الساعة داخلة على عشرة تحبوا تمشوا دلوقتى واللا نقعد شوية
نعمة ياللا بينا يابنى عشان مانتأخرش فى الرجوع احسن انا عارفة أن على العصر بالكتير الكل هيبقى عاوز ينام
نوح طب وهترجعى ازاى
أمانة ضاحكة وهى تنظر لأسامة هرجع مع العريس
أسامة بمرح مش بالذمة عيب ابقى هنا وما اروحش حتى أقوللها كل سنة وانتى طيبة
أمانة وهى تدفعه أمامها للخارج انا قلتلها مكانك ياسيدى ولا تزعل ياللا بقى
فى فيللا عامر
دلف أسامة بسيارته ومن وراءه نوح بسيارة أمانة من سياج عالى يبدو عليه الرقى والثراء ومنه إلى ممر ليس بالكبير ولكنه أيضا ليس صغيرا وكان الممر محاط بنخيل الزينة الذى يحاوطه زهور الزنبق والقرنفل الذى فاحت رائحته فى الهواء لينتهى الممر بسقيفة يبدوا أنها كمرآب للسيارات وما أن ترجلوا من السيارات حتى اصطحبهم أسامة إلى بوابة هوائية قصيرة محاطة بشجرتين للياسمين والتى تعشق أمانة رائحته لتمتد يدها تلقائيا الى عدة أفرع وتضمهم إلى صدرها وهى تستنشقهم بقوة وتقول بمرح انتو ممكن تسيبونى هنا وتتوكلوا انتو على الله
نعمة ماهى أمانة طالعة لها بتعشق الياسمين برضة زيها
أسامة طب ياللا ..اتفضلوا
وعندما دلف الجميع وجدوا الفيلا من الداخل تتسم أيضا بالرقى والذوق الرفيع وجدوا هدى تستقبلهم بفرحة عارمة وبصحبتها عامر ونيللى وهما لا يقلان سعادة عن هدى وبعد السلام والتهانى تدعوهم هدى للجلوس بحديقة المنزل الخلفية لاحتساء المشروبات وعند اتجاه الجميع إلى هناك يجدوا ايمن يجلس أمام حاتم وهما يلعبان الشطرنج وسط تذمر ايمن مرة بعد أخرى وضحكات حاتم الساخرة
ليضحك الجميع بينما قال حاتم كده كده الدور محسوب عليك
ايمن ضاحكا لا ياعم ... طالما مااندفنش يبقى مافيش فاتحة
عامر بامتعاض ډفنة ايه وفاتحة ايه ... يابنى اعقل بقى
حاتم بذمتك فى حد فى سنك ده ياكل مصاصة
ايمن بسماحة مش انا عملت كده ...يبقى فى
حاتم طب مش ترش علينا واللا احنا هنتفرج وانت تمصمص لوحدك
ايمن وهو يخرج حقيبة بلاستيكية من جواره ياللا مش خسارة فيكم
أمانة بشهقة عالية نسيت الشنط فى عربيتك يا اسامة ..انا عاوزاها لو سمحت
أسامة مش هتطلعيها أوضتك
أمانة الهاندباج بس اللى هتطلع اوضتى لكن باقى الشنط عاوزاهم بعد اذنك
أسامة خلاص هجيبهملك حاضر دقيقة واحدة
ليذهب أسامة ويحضر جميع حقائب الهدايا ويعطيها لأمانة التى بدأت فى توزيع الهدايا على الجميع الا حاتم والذى قالت له ببعض الخجل انا ماكنتش اعرف انى هشوف حضرتك هنا بس هديتك أن شاء الله اول يوم شغل بعد العيد كالعادة
حاتم بابتسامة اعتبريها وصلت وكل سنة وانتى طيبة والمفروض ده واجب عليا
توجه الجميع بالشكر لأمانة على لفتتها الجميلة أما نوح فعندما نظر إلى هديته وجدها ثقيلة وضخمة وعندما قام بفتحها وجدها كتاب الاوديسة وهى ملحمة مستوحاة من أحداث حروب طروادة وعندما رآها شرد ذهنه لسنوات بعيدة كان يشكو لامه من عدم مقدرته على العثور على نسخة من قصائد هوميروس كيف تذكرتها أمانة رغم كل تلك السنوات ام هى مجرد صدفة وهل تكون الصدفة بأن تنتقى له كتابا ويحمل الكتاب عنوان قصائده المفضله ولكنه انتبه أن هذه الحقيبة لم تكن من ضمن مشترياتها فى الصباح إذا فهى هدية مبينة ومنتقاة بعناية من أجله فقط
لينتبه نوح على صوت ايمن وهو يوجه حديثه لسهر قائلا انا شفتك فين قبل كده
سهر بلجلجة انا لسه راجعة مصر من كام يوم يخلق من الشبه اربعين
ايمن بشرود جايز ...بس عندى احساس قوى انى شفتك قبل كده
سهر وهى تحاول الهرب من هذا المأزق فتوجه حديثها إلى حاتم قائلة بس حقيقى فرصة هايلة يا حاتم بيه أننا اتقابلنا النهاردة
حاتم بتهذيب انا اسعد انى اتعرفت على الباشمهندس نوح كان نفسى اتعرف عليك من زمان واضح أن عيلتكم مليانة عباقرة لان أمانة الشهادة لله من يوم مادخلت الشركة وهى شغلها يعتبر علامة من علامات شركة عبد الراضى
نوح وهو ينظر بفخر لأمانة الحقيقة أنا اجازتى دى امانة فاجأتنى بحاجات كتير ماكنتش واخد بالى منها
ايمن وهو يقبل أمانة من رأسها اشوفك لما اصحى بقى احسن مش قادر افتح عينى اكتر من كده
هدى انت مش هتتغدى معانا
ايمن مش قادر ياماما ..معلش بقى لما اصحى ثم نظر للجميع وبطريقة تمثيلية قال كل سنة وانتم طيبين ودايما متجمعين على الخير ...اشوفكم بكرة بقى
ثم استدار متجها إلى الداخل ولكنه توقف فى منتصف الطريق ورجع إلى سهر مرة أخرى قائلا فى نيس السنة اللى فاتت فى رأس السنة بس ماكنتيش لابسة حاجة على شعرك وكنتى عاملة شعرك احمر وفى بار
لينظر نوح بجمود الى سهر التى ارتبكت ولكنها حأولت التظاهر بالعكس وقالت يمكن اختى ..أصلها شبهى اوى ماما أصلها متجوزة وعايشة فى نيس
نوح لسهر بخفوت بس انتى كنتى فعلا هناك فى رأس السنة
سهر الحقيقة مش فاكرة
لينظر لها ايمن بنصف عين ولكنه نظر لحاتم مرة أخرى الذى كان يبادله بنظرة ذات مغزى فعاد إلى الاتجاه للداخل مرة أخرى وهو يشير لهم بالتحية بظاهر كف يده
لينهض حاتم هو الآخر وهو يحاول الاستئذان للانصراف ولكن عامر أوقفه قائلا انت مش متفق مع أسامة انك هتقضى اليوم معانا
حاتم معلش ياخالى حاسس انى انا كمان عاوز انام
هدى نتغدى سوا وبعدين اعمل اللى انت عاوزه ثم إن كلهم عندك مسافرين وماحدش موجود منهم هتروح تلاقى البيت فاضى
عامر خلاص بقى ياحاتم ...اقعد ولما نتغدى اعمل اللى انت عاوزه
ليجلس حاتم مرة أخرى ولكنه فى هذه المرة جلس بجوار نيللى التى كانت تمسك بيدها قلم من الفحم ولوحة متوسطة الحجم وتقوم برسم صورة جماعية تضم الجميع ولكنه لاحظ أنه يكاد يكون الوحيد باللوحة الذى يبدو وجهه واضح الملامح بشدة ولاحظ أيضا أن نيللى لم تضع نفسها معهم باللوحة ولكنه وجد بطرف اللوحة شئ يشبه الصندوق الزجاجى المعتم وبداخله شخص ما يراقب الجميع دون أن يلتفت إليه أحد أو يعيره انتباها
وقد شعر حاتم أنها تقصد نفسها
بهذا الصندوق المعتم وراح يتذكر نيللى فى طفولتهم فكانت دائما متكومة على نفسها لا تشاركهم لعبهم وتجمعاتهم ولهوهم