الدهاشنة
شوية من اللغ تخنت وبقا ليك كرش..
حدجه بنظرة حزينة وهو يتابع بقوله المنتحب
_ويوم ما هفكر اعمل ريجيم هعمله وأنا هنا لا لو سمحت يا والدي العزيز سبني أعوض هنا ولما أرجع القاهرة ابقى أعمل ريجيم..
علق آسر باستهزاء
_ولا عمره هيخس يا عمي اسمع مني..
أشار لهم فهد بحزم
_غيروا هدومكم وكلوا لقمة وبعدين نتحدت..
_العيال مبقوش عيال بقوا رجالة بشنبات كبرونا ولاد الأيه..
ابتسم عمر ليضيف بسخرية
_احنا اللي العمر جرى بينا ومبقناش صغيرين يا سليم..
حاوطه بكتفيه ليستطرد قائلا
_العمر يجري ما يجري هنفضل مع بعض يا واد عمي..
احتضنته وهو يشاكسه بكلماته
قال الاخير بمكر
_بقيت بترطم صعيدي اهو..
تعالت ضحكات كلا منهما والكبير يتابعهما بابتسامة حب تشع من حدقتي عينيه الحنونة خلف حاجز الهيبة الذي صنعه لنفسه حافظ على بعض الخصال التي تنتمي لشخصه فحينما يستلم منصب الكبير يلغى الخصال الطيبة بداخله فأن صدر عنه تصرف يدل على نبله وكرم أخلاقه قد يظنه البعض ضعف منه وبالرغم من ذلك ظل يحتفظ بداخله بما يبقيه على إتصال قوي بالفهد!..
جلسآسر على المقعد المقابل لأحمد المنغمس بتناول الجبن القديم والفطير الشهي فناده بصوت منخفض وهو يتفحص المكان من حوله
_متجبش سيرة للكبير باللي حصل على الطريق فاهم
أكمل تناول طعامه وهو يجيبه ببسمة خبيثة
_متقلقش هو هيعرف بس مش مني أبوك حبايبه كتير.
ذم شفتيه بضيق لصدق عباراته الصريحة انتبهت حواسه لمن اقتربت منه قائلة بابتسامة أشرقت وجهها المعجد
نهض عن المقعد ثم أسرع لينحني طابعا قبلة عميقة على يدها وهو يردد بابتسامة صافية
_الله يسلمك يا ستي ليه تتعبي نفسك وتقومي من سريرك أنا شويه وكنت طالعلك..
انصاعت ليديه التي تعاونها على الجلوس فجلست وهي تمرر يدها المرتعشة
_لا لزمن أشوفك واضمك لصدري قبل امك..
_مفيش حد أغلى عندي منك يا نبع الحنان..
احتضنته هنية بحب شديد وهي تردد برضا
_ربنا يحميك لشبابك يا ولدي..
ضحك أحمد ثم قال
_واكل بعقلك حلاوة الواد ده..
أشارت له بالاقتراب فانحنى على مقعدها لتحتضته بحنان ثم مررت يدها على خصلات شعره لتخبره بصوت منخفض
ابتسم أحمد ثم طبع قبلة على كف يدها
_ربنا يرحمه ويباركلنا في عمرك يارب..
هبطت راوية سريعا منهما ليعلو صوتها المنادي بحماس
_آسر..
تقدم ليصبح مقابلها فاحتضنته بفرحة
_وحشتني اوي غيبت علينا المرادي كدليه
أجابها هامسا بمرح
_جوزك طحنا بشغل المصانع!
ضحكت بصوت مسموع فقالت هنية بذهول
_بتقولها أيه!
أخشونت نبرة صوته بثبات
_ولا حاجة ده أنا بقولها هطلع أريح شوية لحسن أنا تعبان اوي من السفر..
وغمز بعنينه لراوية التي ابتسمت وهي تشير له بيديها على الهاتف فهمس بصوت شبه مسموع
_هكلمك يا كبيرة..
تعالت ضحكاتها وهي تتأمله يستكمل طريقه لغرفته بالطابق العلوي فجلست هي الأخرى على المقعد المقابل لأحمد لتسأله باهتمام
_طمني على روجينا وماسةوحور والشباب عاملين أيه
رد عليها وهو يرتشف الشاي الساخن
_كلهم بخير يا مرات عمي وان شاء الله هينزلوا الصعيد في اجازتهم..
قالت بارتياح
_الحمد لله..
ثم اردفت
_اطلع يا ابني شوف والدتك كانت قلقانه عليك من الصبح خد الشاي وأطلع طمنها عليك ..
ابتسم لرقة قلبها فابعد المقعد للخلف قليلا ثم كاد بالصعود ليجد نادين من أمامه تشير بيدها بمشاكسة
_يا مراحب بالحبايب..
ومن ثم اندفعت بحديثها
_قولي يابن ريم الواد بدر ابني مدورها في مصر ولا لسه بلوكه زي ما هو
كبت ضحكاته ليجيبها بصعوبة
_مهو انا مش فاهم حضرتك عايزاه يدورها فانفي الوضع ده ولا هتتفاجئ وتنصدمي لو عرفتي فأشعلل الدنيا بينكم..
حكت رأسها بتفكير ثم قالت بلهجة صعيدية
_والله يا ولدي ماني خابرة..
تعالت ضحكات أحمد فقالتهنية بضيق
_وبعدهالك يا نادين هملي الواد يطلع يشوف امه..
ثم قالت
_اطلع يا ولدي وسيبك من المخبولة دي..
كبت ضحكاته وهي يستكمل طريقه للأعلى اما نادين فجلست جوار راوية وهي تردد پغضب
_كده يا خالة أنا مخبولة!
اكدت لها حينما قالت
_مخبولة من يوم يومك ايه قولك
ضحكت راوية وهي تتأملها تستشاط غيظا كالطفل الصغير متناسية مرور الأيام عليهما ليشيب الشعر ويطغو الشيب على اجسادهم..
لافتة ضخمة تلمع على أبواب المصانع العملاقة تضم إسم مصانع عائلة الدهاشنة بخط موثوق العمالة تدب بالداخل كخلية النحل النشطة التي تحوم باجتهاد آلاف من المعدات الحديثة يشملها عدد من العمال وأخرون يغسلون الفاكهة جيدا قبل أن يحضرونها للمرحلة التالية وهناك من يرص الأكياس بعناية بداخل الكرتون ومن وسط هؤلاء كان يمر بينهما يتفحص الفاكهة باهتمام يحرص حرصا شديد على العمل الجاد فيما بينهما ليسرع بتلبية الطلبيات بموعدها حرصا على سمعتهم المرهونة فمشط بيديه خصلات شعره الطويل التي تزعج عينيه لينتبه لمن يناديه لاهثا
_بشمهندس بدر..
استدار بدر إليه وهو يتساءل بثبات طاغي
_في أيه.
أجابه بتوتر مما يحمله من أخبار غير سارة
_الحج مدحت عامل مشاكل في الحسابات يا بشمهندس عايز يخصم أكتر من ٨٠٠٠ج..
ضيق عينيه باستغراب
_ليه هو أول مرة يشتري مننا ولا أيه
ثم أشار له بحزم
_روح أنت شوف شغلك وأنا هشوف الموضوع ده..
أومأ برأسه ثم غادر ليتجه بدر سريعا لمكتب المحاسبة فما أن رأه المحاسب حتى نهض سريعا عن مقعده ليجلس محله ثم ضم يديه على سطح المكتب متسائلا بصرامة
_خير يا حاج..
رفع حاجبيه باستغراب
_حضرتك محاسب هنا! اقصد يعني بتشتغل أيه انا عايز حد من أصحاب المصنع عشان أتكلم معاه..
قال بثبات
_معاك.. إتفضل..
ردد بدهشة
_أنت ابن فهد بيه
أجابه بضيق من أسئلته المبالغ بها
_حضرتك بتضيع وقتك ووقتي طلبت تشوف حد من الملاك وجيتلك بنفسي هتقضيها جلسة تعارف بقا!
لعق شفتيه بارتباك من صرامته المخيفة ثم قال
_أنا بصراحة كنت مستغلي الاسعار اللي حطينها وعايز تخفيض ده انا حتى زبونكم..
رد عليه بواجها واجم
_زبونا يبقى عارف السعر لأنه ثابت ومرفعش أيه اللي مخليه مش عاجبك المرادي!.
قال بلهجة حماسية ظنها اسلوبا خبيثا ليجعله يخفض من الثمن المطروح
_ما في أكتر من مصنع فاتح جنبكم وبيبعوا بنص التمن تقريبا..
أغلق بدر الحاسوب من أمامه ثم نهض ليعدل جرفات بذلته السوداء الانيقة ليجيبه بجفاء
_يبقى مبروك عليك وحلال عليك الجودة والطعم..
وتركه وغادر والاخير محله لا يعي ما الذي اقترفه بغبائه الشديد الذي ظنه نقطة ذكاء سيجبره على إزهاق الثمن رغم تأكده من جودة مصانع الدهاشنة المعروفة فاسرع تجاه أحداهم ليخبره بهلع
_عايز أقابل بشمهندس يحيى ضروري..
أرشده لمكتبه بالطابق العلوي فصعد سريعا إليه..
بمكتب يحيى
كان هائما بالصورة الفوتوغرافية الموجودة على سطح مكتبه الابتسامة التي تزين وجهه وهو يحتضنها بفرحة تضيء عالم مظلم بأكمله يديه التي تحتضن بطنها المنتفخة بجنينه البالغ من العمر ثمانية أشهر تنبض بقوة حينما يتذكر تحركه أسفل أصابعه وجه ماسة المشرق يفتت قلبه المذبوح كم كان يشكلا ثنائي رائع أول من أطرق العشق بابهما بعائلة الدهاشنة فعلى الرغم من حب آسر الشديد لماسة وتعلقه بها الا أنها أحبته هو ولم تخشى أبدا الاعتراف بذلك أمام كبير الدهاشنة بذاته حينما هبطت للمندارة بعدما كان يجتمع الرجال لقراءة الفاتحة على ما اتفقوا به فوقفت أمام فهد قائلة
_عمي أنا مش موافقة على الجواز من ابنك..
صعق الجميع وعلى رأسهم أبيها عمر حتىيحيى تطلع لها پصدمة