الأحد 24 نوفمبر 2024

سيد القصر الجنوبي

انت في الصفحة 7 من 19 صفحات

موقع أيام نيوز


التخلص منه أو تجاوزه. ابتلعت سمر تلك المرارة العالقة بحلقها وحاولت أن تخرجها من تفكيرها والنسيان ولو مؤقتا. وتنهدت مرة أخرى بثقل شديد قابع على قلبها المټألم ثم بعد لحظات غفت على مقعدها دون أن تشعر. وبعد وقت فتحت عينيها عندما شعرت بشيء ېلمس بشرتها وكان معطف خريفي وضع على كتفيها. نظرت للمعطف بغرابة ثم رفعت رأسها بعفوية حتى تجمدت!! وتمتمت بدهشة _أمجد!! ... أقصد.. دكتور أمجد! ابتسم لها أمجد وهو يتنهد بإرتياح شديد كأنه وجد ضالته المفقودة بعد عقوم من البحث والتيه وأجاب ببساطة _ هو.. ورغم دقات قلبها المغردة بالبهجة والاشتياق ولكن وقفت وهي تعط له المعطف وتشكره فرفض قائلا _ خليه معاكي ما أحنا زمايل هنا وهنشوف بعض كل يوم تقريبا. دهشت سمر للحظة فهو ما كان يعمل بهذا المشفى! ولم تستطع إطالة الحديث معه اكثر من ذلك والأستفسار الذي بالتأكيد سيطول شرحه وضعت المعطف على المقعد وغادرت بهدوء. وتركها أمجد تذهب دون أعتراض بل استقبل ذهابها بابتسامة..! وطيلة طريق عودتها للمنزل وهو يشغل فكرها فرحة وسعادة وترقب للقادم. ولكن يصحبهما خوف وقلق يحاربنها طيلة الوقت! كيف تفر منهما! دخلت شقتها الصغيرة وارتمت على أقرب مقعد ساكنة صامتة وظلت هكذا لقرابة الساعة غارقة بالفكر تماما ثم احتاجت لفنجان قهوة والجلوس بالشرفة لبعض الوقت قبل الخلود للنوم. فأعدت القهوة سريعا وخرجت تستنشق الهواء بملء رئتيها حتى انتبهت لصوت رجل يقصدها بالسؤال من الشرفة المجاورة بنفس المبنى _ اسم قهوتك إيه يا سمر ريحتها تجنن..! التفتت له سمر بجمود وصدمة ثم رددت اسمه للمرة الثانية _ أمجد...! اومأ رأسه مؤكدا ظنها بأستفزاز فتركت سمر كوب القهوة من يدها على سور الشرفة وهرعت لداخل غرفتها كأنه تفر من وحشا مخيف فاتسعت ابتسامة أمجد وهو يمد ذراعه ويأخذ كوب القهوة وتذوقها بتلذذ ثم قال بابتسامة ماكرة _ لذيذة أوي. 

الفصل_الثاني بعدما مد الليل ستاره واصبحت السماء صفحة مظلمة مرصعة بالنجوم المحفورة بترتيب إلاهي عظيم انتشر عبق غامض لتلك الليلة الليلاء صمت يقول أن هناك شيء على بعد خطوات سيحدث ويغير كل شيء!. هكذا شعرت سمر وهي تختبأ في غرفة أخرى بعيدة حتى عن تلك الغرفة الملاصقة لشرفته وتدثرت بأغطية خفيفة على فراش وثير وكأن عينيه تلاحقنها وتخترق المسافات والجدران وابتسمت وكان في ابتسامتها شعورا يحمل مختلف الخواطر وشوارد الذهن والفكر. السعادة والحزن الترقب والتغافل الحنين ورغبة التجاهل وأخيرا العودة والرحيل. كان يأرجحها ظهوره القوي بمختلف المشاعر ولكن شعورا واحد طفا عن ذويه مد ذراعه عاليا ليتحدث أولا داخل نفسها الحائرة المنكسرة فرض قوته بداخلها رغما عن تهربها منه وصم آذانها عنه وهو الدفء والسکينة...! نعم .. تلك الإبتسامة على ثغرها الآن وهي تختبأ كالطفلة المذنبة أسفل الأغطية تعني أنها آمنة مستقرة النبض. والغريب أنها قطعت شوطا طويل وأياما وليال وأزمات موجعة حتى وصلت لذلك المرادف. ووصلت بعد رحلة طويلة للوجهة الصحيحة ولكن مع مشقة الطريق خدش قلبها بقسۏة واصبح قلب ېخاف من الحب! ومن التجديف مجددا ومواجهة الڠرق. وهنا تذكرت الطبيبة النفسية مروة الذي عرفها عليها دكتور وجيه عندما لاحظ حالتها النفسية بعد طلاقها وتصميمها عن تقديم استقالتها بالمشفى. وقررت الاتصال بها فالأخيرة قد أوصتها بالإتصال بأي وقت ترغبه فنهضت سمر للبحث عن هاتفها حتى وجدته ثم أجرت الإتصال بلا تردد ... لتجيب مروة بعد دقائق _ كنت منتظرة اتصالك يا سمر أخبارك إيه .. تنفست سمر بعمق وكأنها ترتب الكلمات أولا قبل النطق بها فشعرت مروة بخبرتها أن هناك حديث طويل سيبدأ الآن وحالة جديدة ستدخل ضمن قائمة لا بأس بها من مرضاها النفسيين وأن كان الأدق أنهم ليسوا مرضى بل ضحاياهم ..! وضحايا الظروف والأوضاع الحياتية المؤلمة. فقالت سمر بارتباك شديد _ أنا بخير كنت عايزة اتكلم معاكي شوية. ابتسمت مروة بلطف وقالت عبر الهاتف _ سمعاكي ومش هقاطعك كتير...كأنك بتكلمي نفسك أو بتكتبي مذكراتك ...! بدأت سمر الحديث بصدق وقالت _ أنا حكيتلك في آخر مرة عن اللي حصل وأزاي اتجوزت واتطلقت بعد شهر لكن اللي أنا فيه دلوقتي أغرب حاجة كنت ممكن أصدقها في يوم من الأيام..!! سألت مروة بفضول _ إيه اللي حصل ..! اطلقت سمر تنهيدة عميقة ثم قالت _ اكتشفت النهاردة أن دكتور أمجد اشتغل في نفس المستشفى اللي بشتغل فيها دلوقتي لكن الصدمة أنه كمان بقا جاري في السكن !! ... أزاي وأمتى مش عارفة! تفتكري تكون صدفة ! قالت مروة عبر الهاتف وهي تبتسم بمكر _ أنتي حابة تكون مجرد صدفة ولا مقصودة . انتظرت سمر لحظات وشعرت بصعوبة الإجابة ولكن فضلت أن ترد بصدق فقالت _ هضايق جدا لو صدفة وعلى قد فرحتي أنه يبقى قاصد على قد خۏفي من نفسي وعليه..! أمجد شاف كتير مني ومش حابة اجرحه أكتر من كده. تحدثت مروة قائلة _ طالما جاوبتيني بصراحة يبقى أنتي قوية وهتعرفي تعدي الأزمة دي يا سمر بس أنا شايفة أنك بدأتي تحبيه أو على الأقل اتعلقتي بيه ومش هنسى أنك قولتيلي في آخر مرة اتقابلنا فيها أنك رفضتيه لما اتقدملك بعد ما عرف بطلاقك عشان كنتي خاېفة عليه من سوء حالتك النفسية وقتها. طفرت دمعة بعين سمر وقالت _ دي حقيقة كنت مشتتة ومکسورة ولا زلت حسيت أنه يستحق انسانة احسن مني انسانة تبقى فاهمة نفسها وعارفة هي عايزة إيه مش واحدة تايهة ولا قادرة تفهم نفسها ولا تفهم اللي حواليها...! اوضحت مروة بخبرتها _ أنسي اللي فات المهم دلوقتي تبقي عارفة أنتي عايزة إيه ومحتاجة لإيه. قالت سمر بحيرة _ أمجد مصمم يبقى في حياتي وأنا خاېفة أن مشاعري دي تكون وهمية عشان أنسى بيها اللي حصلي أمجد مايستحقش مني كده...! فسرت مروة رأيها بالأمر وقالت _ نقطة انك خاېفة عليه ده شيء إيجابي والحيرة اللي أنتي فيها طبيعية بعد تجربتك والحل الوحيد أنك تدي لنفسك الوقت والفرصة ما تتسرعيش وتندفعي ورا مشاعرك لحد ما تتأكدي ... لكن اللي هقدر أقولهولك أنك يوم ما تتأكدي أنه فعلا بيحبك بجد وافقي يا سمر .. اللي بيتمسكوا بينا مع كل الظروف مش كتير. قالت سمر بإعتذار _ أنا عارفة اني اتصلت في وقت ممكن تكوني مشغولة فيه لكن كنت محتاجة اتكلم جدا أسفة أوي. ضحكت مروة لتخفف عنها الحرج وقالت بمرح _ لا أنا عندي موهبة الاستماع يمكن ده اللي خلاني اخترت مجال الطب النفسي اصلا اتصلي بيا في أي وقت ومن غير تردد. شكرتها سمر وهي تحمل الكثير من الأمتنان والشكر ف بكلمات بسيطة استطاعت وضع قدمها على الطريق الصائب وبعدما أنتهى الإتصال قررت أن تعود للشرفة وتتظاهر أنها تأخذ كوب قهوتها التي تركتها منذ دقائق .. ولكنها تريد رؤيته بالحقيقة...! وهمت بتنفيذ ما رغبت وشعرت ببعض الحيرة بين
 

انت في الصفحة 7 من 19 صفحات