ظنها دميه بين اصابعه بقلم سهام صادق
عايدة في شغل البيت... البنت عزيزة النفس أوي يا عزيز بيه.
سعل عزيز بشدة ثم أسرع بوضع كفه على فمه بعدما اختنق وهو يرتشف من كوب الشاي.
_ سلامتك يا بيه.
قالها العم سعيد بقلق ثم أسرع بجلب محرمة ورقية له.
_ خد اشرب شوية مية.
التقط منه عزيز كأس الماء وارتشف منه القليل ثم تنحنح وجلي حنجرته قائلا.
_ أنا رايح غرفة المكتب اشتغل شوية... أنت تقدر تروح ترتاح يا راجل يا طيب.
حتى طعامها صارت معدته تهواه ألا يكفيه أنها بدأت تخترق رأسه.
أغلق جفنيه ثم زفر أنفاسه بقوة وكعادته رفع يده نحو خصلاته يغرز أصابعه فيها.
ظل للحظات واقف بتخبط بمنتصف الغرفة إلى أن تمكن من السيطرة على أنفاسه الهائجة واتجه نحو مكتبه ليبدأ في شغل عقله بأعماله.
كان يغلق الأوراق التي أمامه وأيضا الجهاز اللوحي الذي يعمل عليه ثم فرك جفنيه وقد داهمه التثاؤب وشعر بتشنج عضلات جسده.
نهض من مقعده وأغلق إنارة المصباح الصغير الذي يوضع على سطح مكتبه واتجه بخطواته نحو باب الغرفة ثم أغلق الأنارة بالكامل.
خطواته التي كانت تتجه للخارج من الغرفة إنعرجت للداخل مرة أخرى.
ارتسمت الخيبة على محياه وهو يرى الشرفة مغلقة بإحكام حتى إنارة الغرفة مغلقة وقد كان يمني نفسه برؤيتها.
اتسعت حدقتاه في صدمة... أيعقل أن الأمر وصل به لهذا الحد.
_ شكلك اټجننت يا عزيز.
في اليوم التالي
_ ليه كل ده يا راجل يا طيب ليه محسسني إني مكنتش باكل حاجه...
أسرع العم سعيد بتحريك طبق الفول لوضعه أمامه.
_ وشك أصفر وبهتان...
ارتفعت قهقهة عزيز من كلام العم سعيد.
_ اه لو نيرة سمعتك دلوقتي...
_ اكيد هي كمان ضعيفه ووشها بقى أد اللقمه.
سعل عزيز بشدة بعدما توقفت لقمة الطعام بحلقه ليلتقط كأس الماء الذي أمامه ويبتلعه دفعة واحدة.
أنهى عزيز طعام فطوره الشهي الذي لا يقارن مع أي طعام أخر.
تحرك لمغادرة المنزل لكنه توقف عن حركته وقد عاد القرار الذي اتخذه يطرق رأسه.
_ في حاجة يا بيه.
تساءل العم سعيد بعدما انتبه على توقفه.
أغمض عينيه ثم فتحهما وقد أوشك الكلام على الخروج من شفتيه لكنه ابتلعه في اللحظة الأخيرة.
_ مافيش حاجه يا عم سعيد.
أسرع عزيز بخطواته واتجه نحو سيارته التي وقف
عزيز سائقه قربها.
التقط نائل حديث حفيدتيه عن المدرسة التي تبعد عدة أمتار عن مسكنهم وقد أعلنت إدارة المدرسة عن حاجتها لمعلمات يجيدون اللغة الفرنسية.
_ ليه متقدميش يا زينب قوليلي سبب مقنع يخليكي متقدميش والمدرسة قريبة منك... يعني مفيش حجة.
_ اسيب جدو لمين.
أشاحت زينب عينيها عن ابنة عمها حتى لا تلتقط نظرة عيناها الکسيرة التي تحمل قلة حيلتها.
_ خدي منها الورق وقدمي ليها أنت يا سما.
قالها نائل وهو يتقدم منهن ثم بدأ يسعل قليلا.
انتفضت كلا من زينب و سما واتجهوا ناحيته وعلى وجههن ارتسم القلق.
_ مالك يا جدو.
_ أنا كويس مش من مجرد شوية كحة هتخافوا عليا.
ثم أردف بحزم وهو ينظر نحو سما التي التقطت يده ليستند عليها.
_ زي ما قولتلك خدي أوراقها يا سما وقدمي ليها.
_ بس أنا معنديش خبرة ومشتغلتش قبل كده.
هذه كانت تبريراتها الدائمة التي تخبرهم بها دون مجازفة ثم تؤكد لهم بأنها تحب الجلوس بالمنزل ولا ترغب بالعمل.
_ مالكيش دعوه بيها يا سما وقدمي ليها سامعه.
حركت الأخرى له رأسها بموافقة ثم تساءل نائل بعدما جلس على الأريكة.
_ هي المدرسة دي دولية مش كده...
أكدت له سما باماءة من رأسها لتهتف زينب بعدما رأت جدية جدها بأمر تقديمها لهذا العمل.
_ يا جدو أنا مش عايزة أشتغل.
قطع نائل كلامها ونظر نحو حفيدته.
_ اعرفيلي مين مديرها يا سما... حاولي تجبيلي
معلومات عنه.
جميع المعلومات عن هذه المدرسة كانت تعطيها سما لجدها قبل أن تقدم زينب أوراقها لهذه الوظيفة.
_ بتقول مين يقدر يساعد حفيدتي شاكر.
قالها نائل بملامح ممتعضة بعدما أخبره نجيب بالشخص الذي يستطيع التوسط له ثم واصل كلامه.
_ شوفلي حد تاني من معارفنا يا نجيب أقدر أطلب منه المساعدة دي.
_ للأسف مفيش غير شاكر يا نائل.
كاد أن يتحدث نائل باعتراض من طلب هذا الأمر من شاكر مرة أخرى بعدما أظهر نواياه.
_ يا نائل صدقني شاكر مكنش يقصد اللي أنت فهمته... زينب عجبته أخلاقها وكان عايزاها....
توقف نجيب عن الكلام بعدما وجد نائل يتمتم بحزم.
_ اقفل السيرة دي يا نجيب أنا اكتر واحد عارف شاكر كويس.
تنهد نجيب ثم أطرق رأسه ليفكر في شخص أخر يستطيع خدمة نائل بأمر وظيفة زينب.
أخذ نائل من وعدا ألا يخبر شاكر