ظنها دميه بين اصابعه بقلم سهام صادق
لتخرج المال لكن حدقتاها اتسعت فجأة عندما تذكرت الأغراض التي كان عليها شرائها من متجر مستلزمات الحلويات.
طالعت الطريق بنظرة ثاقبة وسرعان ما كانت تغلق حقيبة يدها وتلتقط الأكياس التي وضعتها جوارها.
_ ممكن أنزل هنا.
أعطت السائق أجرته وترجلت من سيارة الأجرة.
من حسن حظها أنها كانت قريبة من المتجر المختص ببيع تلك المستلزمات وقد أخذتها إليه عايدة من قبل.
رغم أنها تحب السير بهذا الطريق الخاص بالمجمع السكني الراقي الذي تسكن به إلا أنها اليوم لا تحتمل السير بسبب تورم أحد قدميها.
_ خلاص قربنا يا ليلى.
أخبرت حالها بقرب وصولها ومن وقت لأخر كانت تلتف حولها عندما تستمع إلى صوت سيارة قادمة.
ضاقت حدقتي عزيز وقد أبطئ من سرعة سيارته قليلا.
_ انا مش هلبس الجزمه دي تاني...
تمتمت بها بصوت خاڤت مستاء ثم سقطت منها إحدي الأكياس التي تحملها.
تنهدت تنهيدة طويلة ثم انحنت لتحمل الكيس الذي سقط أرضا.
تيبست ليلى في حركتها عندما وجدت سيارة ذات زجاج معتم تقف جوارها... بنظرة خاطفة تعرفت على السيارة التي وقفت قربها...إنها سيارة السيد عزيز.
انفتح زجاج نافذة السيارة وسرعان ما كان ينفتح الباب جهتها في دعوة صريحة منه أن تصعد السيارة.
نظرت إليه وعلى وجهها ظهر الإرتباك.
تنهد عزيز فهو كلما حاول
إخراج الكلام من بين شفتيه يتوقف على طرف لسانه.
_ اركبي يا ليلى.
رمقها عزيز بنظرة خاطفة وكاد أن يتحرك بالسيارة مرة أخرى لكن ارتفع صوت رنين هاتفه.
انشغل بمكالمته وجلست هي ملتصقة بمقعدها دون حركة أو صوت.
حديثه مع المتصل كان يخص العمل لكن كل كلمة كانت تخرج منه ټخطفها لعالم أخر عالم تعلم أنه لن يجمعها به لكنها اختارت أن تضعه بعالمها الوردي.
تلك الحركة التي تحرك بها شفتيها جعلته رغما عنه ينتبه على فمها الصغير وسرعان ما كان يشيح عيناه عنها ليتمكن من زفر أنفاسه بقوة ونفض رأسه من أفكاره التي تقوده للهلاك و السقوط نحو وزر يعلم عاقبته.
_ نكمل كلامنا بكرة يا أستاذ بهجت.
انتبهت ليلى على فعلته العجيبة وقد شعرت بالتوتر إنها تخشى أن يكون تضايق من وجودها بسيارته.
بنظرات مختلسة كان يتابعها ثم أشاح عيناه بعيدا عنها منتظرا خروجها من سيارته قبل أن يتجه بها لداخل الجراچ.
كادت أن تفتح ليلى باب السيارة لكن تلك السعادة التي وجدتها على ملامح ذلك العامل اليوم وشكره لها جعلها تستدير جهته بتردد وعلى محياها ارتسم الخجل.
_ شكرا إنك ساعدت العامل... كان مبسوط أوي وهو بيشكرني النهاردة...
خرج الكلام من شفتي ليلى بتعلثم ودون أن تنتظر رده فتحت باب السيارة وترجلت منها.
تجمدت ملامح عزيز وعاد الكلام الذي ألقته عليه قبل خروجها من السيارة يتردد صداه داخل رأسه.
باليوم التالي وفي تمام الساعة العاشرة مساء...
كانت الضحكات ترتفع بصخب من الحديقة الخلفية لباحة المنزل حيث مسكن عائلة العم سعيد.
نهض عزيز من فوق مقعده بعدما التقط مغلف صغير من درج مكتبه.
التمعت عينين العم سعيد بالدموع وهو يرى ما أعدته له كلا من ليلى و شهد.
احتضنهم بحب ثم ابتعد عنهم ليمسح دموعه.
تأثرت عايدة لمشاعر شقيقها كما تأثر عزيز هو الأخر لكن سعادته اليوم كانت لا توصف وهو يرى ابنته وابنة شقيقه صارتا متقاربتين من بعضهم وقد فعلوا هذا الإحتفال سويا.
شعور الراحة ارتسم على محياه كما تغلغل داخل فؤاده.
تقدم عزيز منهم وقد انتهوا للتو من إطفاء الشمعة التي وضعوها على قالب التورتة التي تعاون نساء المنزل في صناعتها.
_ عزيز بيه.
قالها عزيز العم ثم أسرع نحوه.
اتجهت عيني ليلى ناحيته وقد خفق قلبها لرؤيته لكن كعادتها أخفضت رأسها حتى لا تفضحها عيناها.
ابتهجت ملامح العم سعيد عندما رأي عزيز يتجه صوبهم ثم قال بسعاده.
_ شايف البنات عملوا ليا إيه يا عزيز بيه
ابتسم عزيز وهو يرى مظاهر الإحتفال البسيط وقد ارتدوا جميعهم على رؤوسم قبعة العيد ميلاد.
_ كل سنه وأنت طيب يا راجل يا طيب.
قالها عزيز ثم مد له ذلك المغلف وقد التقطه منه العم سعيد وتساءل بفضول.
_ إيه ده يا بيه.
_ افتحوا وهتعرف يا راجل يا طيب.
تعلقت أعينهم جميعا بالعم سعيد أثناء فتحه للمغلف الصغير لتنساب دموعه فجأة.
من دموع العم سعيد علم الجميع بما قدمه له السيد عزيز لم تكن المرة الأولى التي يقدم فيها عزيز للعم سعيد أو أحد أفراد عائلته هذة التذكرة بل قدمها لهم من قبل.
_ ليلى... هاتي ل عزيز بيه من التورته... ابعدي عن الشيكولاته لانه مش بيحبها.
أسرعت ليلى بتلبية ما أمرت به عايدة وقد جلس عزيز بين العم سعيد و عزيز سائقه وجلست شهد قبالة عزيز لتمازحه