رواية كاملة لهدي زايد
لي شقة عشان اعملها عيادة من حاولي شهرين
لاقيت نفسي بهمل في إبراهيم وولادي عشان ابني العيادة ولادي بيتعبوا وأنا مش جنبهم
ردت هالة قائلة بعتاب
اخس عليكي يا ليالي وهو أنا ولا ماما كنا بنقصر معاهم و لا حتى إبراهيم !
نظرت ليالي لها و قالت بهدوء
يا حبيبتي محدش فيكم قصر و أنا مقولتش دا بس عيالي يتعبوا و أنا موجودة يبقى مستحقش أبقى أم يا هالة
بعد أن غادر إبراهيم و عائلته و غفى الأطفال في سبات عميق جلس أدهم يحتسي قدح القهوة في هدوء تام كان يتابع التلفاز بإهتنام شديد رغم خفض صوته بناء على تعليمات هالة خرجت من غرفتها في كامل زينتها
و لأول مرة منذ قترة طويلة حاول تجاهل هذا الجمال لكن بحركاتها و غنجها نجحت و بجدارة في هزمه جلست جواره و قالت بخفوت
رد يإبتسامة سمجة وقال
لا بكرا الجمعة
ابتسمت له و قالت بنغج بالغ
طب بما إن النهاردا الخميس و بكرا الجمعة مبيفكرش بحاجة !
رد بنفس الإبتسامة وقال
لا مبفكرش
طب افكر لك أنا
لا تفكيرك وحش
تنهدت بعصبية مفرطة و هي تقف عن الاريكة و قالت
طب على العموم بقى النهاردا عيد ميلادك و أنا كنت ناوية اعملك مفاجأة بس أنت طلعت متستاهلش و كل سنة و أنت طيب و عن أذنك
و لازمتها إيه كل سنة و أنت طيب خديها يا مدام أنا مبحبش حد يتفضل عليا
وقف عن الأريكة و قال
و من غير عن أذنك ها
ولج حجرته و ما هي إلا ثوان معدودة و تبعته
احتضنته من الخلف و جميع عبارات الأسف التي تعرفها قالتها دفعة واحدة لاحت إبتسامة خفيفة على ثغره الټفت لها محاوطا خصرها بين ذراعيه بينما أعادت رأسها قليلا للخلف
كل سنة و أنت حبيبي
مال بوجهه على وجهها ارتوى من رحيق شفتاها الذي لا يرتوي منه أبدا نظر لها و قال بإبتسامة واسعة
و أنت دنيتي الحلوة و نور عيني
بعد مرور عدة سنوات من السعادة و الشقاء
تجمعت العائلة في يوم الجمعة من كل أسبوع
ما دام أدهم و عائلته هنا بمصر في الأوان الأخيرة قرر السفر إلى المانيا و الاستقرار هناك
ولجت كارما التي تجاوزت عامها العاشر بأيام معدودة هزت جسد خالها إبراهيم الذي للتو ارخى جفنيه الوحيدة من بين أفراد العائلة
التي لها هذا الحق حتى ليالي نفسها لا تملك هذا الحق وقفت أمامه و نير ان الغيظ تأكل قلبها من أفعال ابنه فتح جفنيه بتثاقل متسائلا بنبرة تملؤها النعاس
قوم شوف ابنك دي
اعتدل إبراهيم في جلسته و الإبتسامة تكشف عن نواجزه تسأل في جدية مصطنعة قائلا
ماله و مالك اللي مابيفهمش اللي اسمه أنس دا !
عاوزنا نروح شرم و أنا عاوزة أروح أسوان
حك إبراهيم مؤخرة رأسه و قال بجدية
و طبعا عاوزة حكم محكمة مش كدا
اه قوم يلا
بعد مرور دقائق
جلس إبراهيم على المقعدة و انقسمت الأحفاد العشرة إلى مجموعتين نظر أنس لأبيه الذي تجاوز الثانية عشر من عمره بأشهر قليلة و قال
كل واحد فينا هايقول أسبابه والدوافع اللي خلته عاوز يروح المكان بتاعه و بعدها يضدر حكم المحكمة بعد إجماع رأي الأغلبية زي ما متعودين
رد إبراهيم بتفهم و قال بجدية مصطنعة
مافيش مشكلة و أنا الحمد لله معروف بالنزاهة و الشفافية
رد أنس ساخرا من جملة أبيه
طبعا طبعا
وقف أنس يترافع و كأنه محام له عدة أعوام
ظلت جدته تمتم بالبسملة عليه و على لسانه الفصيح الذي لم يخطئ في حرفا واحد
ابتسمت والدته و قلبها يتراقص طربا على ذاك الصغير الذي يشوبه والده حد التطابق في كل شئ انتهت المرافعة و صفق له الجميع و على رأسهم الجدة و هي تقول
ياختي اسم الله عليك طالع لأبوك عقبال ما أشوفك وكيل نيابة يارب
رد إبراهيم بجدية قائلا
عندك غلطتين ياريت ناخد بالنا بعد كدا يا أنس
وقف أنس و قال بعتذار
عذرا سيدي القاضي و لكن ربما لأني مازلت أشعر بالتعب
وقفت كارما عن مقعدها متجه نحو خالها تنحنت ثم قالت بصوتها الرقيق
سيدي الكاضي
ضحكت الأطفال عدا إبراهيم الذي نظر لها بعتاب
بينما رد أنس مصححا لها قائلا
اسمها سيدي القاضي بالقاف مش الكاف
أخرجت لسانها وقالت بلكنة شبه مصرية لكنها حاولت قدر المستطاع التحدث بها كي لا يسخر منها
مسألكيش أنت
ضحك أنس و انضم له أخوته و اخوتها نظرت لخالها الذي هدر بصوت عال نسبيا و قال بجدية مصطنعة
محكمة
التزم الجميع الصمت و بدأت هي تكمل مرافعتها قائلة
سيدي القاضي حضرات السادة المستشوارين
ضحك أنس بقوة و هو يردد كلماتها الركيكة و متسائلا
مستشوارين ازاي يعني كانوا في بيعملوا استشوار !
دبت قدماها أرضا بينما تابع إبراهيم قائلا بتغزل
متزعلش نفسك يا جميل قول اللي يعجبك كمل و أنا سامعك بقلبي قبل قلب المحكمة
تابعت كارما