ساكن الضريح بقلم ميادة مامون
مفرود على وسادتها
معذبة حتى في نومك عيناكي الغافية تخبئ بحرك الغارق به ومع ذلك كم انت مهلكة بنت حوا
غض بصره سريعا وانب نفسه على فعلته
استغفر الله العظيم انت اټجننت يا مالك اكيد اټجننت ماتغض بصرك يا دكتور اعتبرها مريضة
________________________________________
عندك في المستشفى وخلص وأخرج بقي
جلس على مقعده بجانبها وبهدوء تام غرز الحقنه في يدها انتظر قليلا وحين شعر برجفة يدها على كفه علم انها مستيقظة وتهرب من مواجهته فابتسم
وانتزع السن من وريدها وطهر لها مكانه ثم جذب الغطاء عليها ودثرها جيدا
وعاد من حيث اتي مغلقا الاضاءه والباب من خلفه وهو يدعو في سره
اعتدلت من مرقدها وانزلقت دمعتها على وجنتها
شذى بصوت مخټنق
يا ريتك كنت معايا من الاول يا ابيه
ياريتني اتربيت هنا في البيت ده وعلى ايدك انت بكل قسوتك وحنانك عصبيتك وإيمانك
وعند بزوغ الشمس كان عائد من صلاة الفجر اغلق باب المنزل خلفه وتأهب ليصعد الدرج نحو غرفته
لكنه انتبه لصوت المياه وضجيج الصحون فذهب ليري من هناك في هذا الوقت
انها هي تلك الشقية هزيلة الجسد ترتدي هذا الاسدال الذي ابتاعه هو لها ويغطيها بالكامل من أعلى رأسها الي اخمص قدميها بل ويزيد
مالك بتعملي اي عندك في الوقت ده
شهقت منفزعة و تركت ما بيدها والټفت له واضعه يدها على صدرها
شذي صباح الخير حرام عليك يا ابيه مالك خضتني وربنا
مالك مبتسما صباح النور يا شذي انا اسف ماكنتش اقصد اخضك بس ليه تتعبي نفسك المفروض تكوني نايمه في سريرك دلوقتي
شذى بمرح وهي تغلق صنبور المياه مانا نمت كتير و صحيت بدري لقيت نفسي كويسه قولت اساعد خالتو ما هي بردو بتعمل كل حاجه لوحدها
مالك طب لو خلصتي اتفضلي على اوضتك وارتاحي شويه وعلى فكره خالتك مش بتحب حد يدخل مطبخها ويعمل لها حاجه من غير مايستأذن منها الاول
استني
وقفت مندهشه من تقلب مزاجه المفاجئ
شذي نعم في حاجه تاني
مالك بأمر اه في حسك عينك تسبقي راجل وتمشي قدامه او حتى تطلعي سلم قبل راجل انتي فاهمه
شذى بعدم فهم لاء مش فاهمه ليه يعني
مالك وقد انتبه لما يقوله عشان كده وخلاص الكلمه اللي اقولها ليكي تتسمع مفهوم
مازلت ترشقه بسهام ناريه من عيناها
شذى موصدة يدها حول صدرها حاضر يا ابيه اتفضل حضرتك اطلع وانا هاطلع بعديك
سبقها بخطاه بالفعل وصعد إلى غرفته
فقررت تلك الشيطانة الصغيرة ان تشاكسه
انا طبعا
شهقت مصتنعة الخضة
هااااه يعني حضرتك دخلت اوضتي وانا نايمة فيها لوحدي
الټفت إليها بعدم فهم
ودي فيها أيه اظن يعني انا ماكنتش داخل اوضتك العب
ازاي يعني انا كنت نايمة بشعري واااا
مالك پغضب بس اخرسي ولا كلمة زيادة انا اعتبرتك زيك زي اي مريضة بدخل اوضتها في المستشفى يعني ماكنتش داخل اتملي في جمال حضرتك يا هانم يا محترمه لكن الظاهر اني غلط لما صعبتي عليا وخۏفت لټجرحي ايدك وانتي نايمة
عضت على شفتيها السفلى واحنت رأسها بخجل
انا اسفه يا ابيه
اكمل صعوده للأعلى وهتف پغضب
اسفك كتر اوي اتفضلي على اوضتك و يا ريت تخلي بالك بقى من نفسك عشان انا اللي بتعب معاكي بعد كده وفي الاخر بطلع غلطان
يلا اتفضلي مستنيه اي
تخطته سريعا واسرعت الخطى نحو غرفتها
ظل ثابتا مكانه يضم قبضته بقوه يراها تتعثر الخطوات وتكاد تسقط الي ان اغلقت باب غرفتها عليها
مالك بهمس مش هاسمحلك تلعبي اللعبه دي عليا انتي لسه متعرفيش مين هو مالك الرفاعي يا بنت العسال
تعلقت ماجده بتلك الخلوه كثيرا أصبحت عادة قيام الليل وقراءة القرأن الكريم ملازمه لها
ووجدت فيها راحتها النفسية واصبحت في الآونة الاخيرة متعلقة بها جدا
وتركت تلك الصغيرة تعاني من الوحدة لا تستأنس بأي شئ سوي بعض المكلمات الهاتفية التي تتلقاها من إبنة عمها وصديقتها الوحيدة
الجميع كانو يجلسون في بهو المنزل
الحاج حسان والاختان ماجدة ومجيدة يتابعون برنامج لداعية ما على تلك الشاشة الكبيرة المعلقه علي الجدار
اما طبيبنا الهمام كان يجلس أمام جهاز الحاسوب تبعه يشاهد فيلم وثائقي عن إجراء عملية جراحية كبيرة
وكانت هي تجلس على مقعد جانبي في ركن هادئ مبتعدة عنهم بعد الشئ وعيناها مرتكزه على تعبيرات وجهه
رن هاتفها وجذبته لترى من المتصل
لتجده اتصال من صديقتها الوحيدة فأجابت على الفور دون أن تلاحظ ملامح وجهه المبهمه وعينه المتسلطة عليها
شذي الو ايوة يا نسمة ازيك يا حبيبتي
وانتي كمان والله وحشتيني بس هاعمل اي بقى شكلنا كده مش هنعرف نشوف بعض تاني
لاء امتحانات ايه بقى انا هاشيل السنه دي
ظل يراقب حركاتها ويستمع لكلامها دون أن تعي وهي تكمل بدون مبالاة
طب هاعمل ايه بس يا نسمه يعني انتي شيفاني فرحانه اني هاشيل السنه
داني عمري ما عملتها لكن انا مش هاقدر اجي اسكندرية تاني ومش هالحق أحول ورقي هنا ولا زاكرت ولا جبت ملازم يبقى هاعمل ايه بقي
شذى بهدوء ظنا بأنه لا يسمعها
لاء انا مش معايا نت وكمان مش معايا رصيد عشان اكلمك
ماشي يا حبيبتي انا هاستني مكالمتك سلام يا نسمه وابقي سلمي على عمي
اغلقت معها واستدارت لتجلس مكانها الا انها وجدته على حالته هذه وكأنه يراقبها ويريد ان يفهم ماذا يحدث
تولت والدتها عنه السؤال وانقذته من هذا المأذق
كنتي بتكلمي مين يا شذي
دي نسمة بنت عمي يا ماما
وبتردي عليها ليه احنا مش قولنا عايزين نقطع علاقتكم بالناس دي نهائي
كان هذا مالك الذي انتفض غاضبا
شذى بحزن
بس نسمه غيرهم كلهم احنا متربين مع بعض وكمان هي صاحبتي الوحيده
شعر بحزنها وتحلي بالصبر والهدوء حتى لا يحزنها
انتي يعني واثقة فيها
ايوة هي اصلا پتكره العيله دي اكتر مني بكتير كمان
جلس على مقعده وهو يهمس
معاها حق هي دي عيلة تتحب ولا تشرف اصلا
وقبل ان تجلس هي الاخري مكانها رن هاتفها ثانية لتشهق بصوت مسموع للجميع لينتبه هو لها
شذى پخوف وهي تريه الهاتف
ده دا هو
ضم حاجبيه بعدم فهم مستشعرا خۏفها
هو مين
أتت ماجدة بجانبها وامسكت الهاتف من يدها لترى اسم المتصل
هو مين اشرف ابن عمتك هاتي التليفون انا هارد عليه
حاول أن يتدخل ويتقدم لهم ليجيب الاتصال هو لكن نظرة ابيه الجمته مكانه
اجابت هي الاتصال بعد أن فتحت مكبر الصوت
الو ايه اللي فكرك بينا تاني يا اشرف
اشرف سلامات والله يا مرت الخال وانا اقدر انساكم برضو ايووووو مش ناويه ترجعي انتي وبنتك بقي
ماجدة نرجع فين ولمين يا اشرف
اشرف ترجعو بيتكم ولينا وليكي عليا يا ستي هاكتب على بنتك وقتي وافتح القهوة بتاعت خالي تاني وايرادها كله هيبقى ليكم
ماجدة بيت اي وقهوة مين اللي فاكرني هاجري عليهم انا وبنتي احنا خلاص مش عايزين منكم حاجه
البيت وسبناه لأمك تشبع بيه والقهوه خليهالك الله الغني عن ايرادها
وبنتي تشيلها من دماغك احسنلك اوعي تفكر اني ممكن اجني عليها وارميها في الڼار اللي عيشت فيها طول عمري
اشرف پعنف طب اسمعي انتي بقى يا ام المحروسه البيت بنتك هترجعه ڠصب عنها وهتبقى مراتي برضو ڠصب عنها مانا ماكنتش باقتل في كرموز عشان في الاخر تروح مني
لا دا و رحمة ابوها
________________________________________
لاجبها حتى لو وصلت اني اخطڤها هعملها وماتفتكريش ان مكانكم بعيد عليا لاء دانا عارف العنوان وحافظه بالملي وقريب اوي هتلقوني عندكم
سلام وابقي سلميلي على شذى لحد ماجي اخدها انا بنفسي
حالة من الدهشة عمت على الجميع وكان الصمت حليفهم إلا هي لقد إصابتها الرجفه وبدت تخترف بهستريا وهي تفرك يدها بقوه
ضحك على بابا وقوم العركة وكانت النتيجة مۏت ابويا
اقتربت منها والدتها وضمتها جيدا
عارفة يا شذي ومش بعيد يكون هو اللي قتل ابوكي كمان عشان يحط ايده على القهوه منه لله ال..... البلطجي
بدئت تفقد السيطرة على لسانها وتتفوه ببعض الكلمات
والنبي يا ماما ماتخليهوش ياخدني ويحبسني تاني ماتخليهوش يقرب مني تاني
بدئت ماجدة تبكي على حال ابنتها وتحاول تهدئتها
ماتخفيش يا حبيبتي دا لوحكمت هاقتله بأيدي ولا انه يجي ناحيتك
افلتت يدها من عليها وجرت عليه وارتمت بين يديه دون سابق إنذار متشبثة بيديها بقميصه
شذى بصړاخ
والنبي يا ابيه احميني منه اوعي تخليه ياخدني ده مش بني آدم ده حيوان وكان
شذيييييييييي
صړخ بها وهو يقبض على كتيفيها بقوه محاولا افاقتها
مالك وهو يجذبها خلفه ويصعد بها للأعلي
أخرسي ماتتكلميش ولا كلمه لحد ما نطلع فوق
أخذها حيث غرفتها وأغلق بابها عليهم
أجلسها بهدوء وجلس امامها لم يتحدث فقط انتظر إلى أن تتخلص من تلك الطاقه السلبية و وصلة بكائها الحادة هذه
مالك بهدوء
خلاص هديتي دلوقتي بقي عايز اعرف كل حاجه يلا احكي انا سامعك
بدئت تجفف عبراتها وتمسح على وجهها بكفيها
محاولة السيطرة على نفسها.
اوعدني الاول انك هاتحميني منه وهاتعمل اي حاجه عشان مايخدنيش من هنا
مالك بتفكير
اوعدك لو حسيت انك صادقة في كلامك معايا هاقف لأي حد يحاول يأذيكي او يقرب منك بشړ
شذى وقد بدئت تسترسل الكلمات بهدوء
والله ما هكدب عليك في حاجه انا اصلا كنت مظلومه في الحكاية من اولها اشرف منه لله بقى هو اللي قومها في دماغ ابويا
وبقي كل يوم يتعارك مع محمود من غير اي سبب بس عشان عرف انه عينه مني وعايز يخطبني
وقف من امامها واتجه نحو النافذه المفتوحة التي تطل على مسجد الحسين رضي الله عنه وظل ثابتا معطيها ظهره
و هو يستمع إليها دون أن يتحدث فقط أشار لها بأن تكمل
وكأن نوة من الزكريات هجمت على عقلها وأغرقته بها
كان آخر يوم من امتحانات الكلية ونسمة كانت في اليوم ده مافيش عندها امتحان عشان هي أكبر مني بسنه
كان يوم حر اوي وانا خلصت امتحان الساعه اتنين الظهر وقفت على قمة الشارع اللي فيه كليتي استنى المشروع
وبالصدفه لقيت محمود ابن الجيران راكب المكنة بتاعته ووقف بيها قدامي وبيعزم عليا انه يوصلني
مالك بضحكة ساخرة وطبعا ركبتي معاه
شذى پغضب لاء طبعا دا كان ابويا موتني فيها
موتك! طب كملي ياختي كملي
شذي شكلك مش مصدقني معزور اصلك ماعرفتش ابويا قبل كده
طب دا اداني حتة علقھ لمجرد بس انه
صمتت فجأة وكأنها علمت بأن ما تقوله سينقص من كفتها امامه
اتفقنا انك هتتكلمي بصدق ومش هاتخبي حاجه
احنت رأسها بخزي وتكلمت
اصل الولا محمود الله يرحمه بقى قعد يزن على دماغي ويقولي عايز اتكلم معاكي في حوار مهم خاص بينا احنا الاتنين وقالي هاسبأك واستناكي عالكورنيش وهقول الكلمتين ومش هأخرك
مالك بهدوء و روحتى ليه
مازلت عيناها تنظر في الأرض كأنها تعد خيوط