الأحد 24 نوفمبر 2024

نسائم الروح بقلم أمل نصر

انت في الصفحة 17 من 30 صفحات

موقع أيام نيوز

يعرف كل شيء بل ويأتي الان ليهددهم بإفساد صفقة العمر التي تسير الخطط لها منذ سنوات.
نفض مالك ذراعي الاثنان عنه يرمقهم بتشفي وقد 
صار الوضع كحرب مشټعلة بالنظرات المحتدة نحوه شاعرا بانتصار غبي حتى لم يتوقع رد الفعل الذي أتى مباغتا من سند حينما ھجم فجأة ليقيده من الخلف كاتما فمه بكفه الحرة ثم يهدر بفحيح له
طب والله كتر خيرك كدة بجى الواحد يعيش على نضافة بعد ما يخلص عليك والحفرة اللي انت مراجبها بجالك ايام هتبجى جبرك دلوك.
قاوم مالك محاولا اخراج صوته لينجده احد من الثلاثة الآخرين او احد من الخارج ولكنه قوبل بالصلف والجمود من الجميع حتى صدقي قبل ان يصدم بالاتصال المفاجئ من احد الارقام الهامة اليه التي ما أن نهاها سريعا حتى هتف بغضبه نحوهم
الله ېخرب بيوتكم الحكومة عاملة حملة وجاية ع البيت يلعن فايز وخلفة فايز بجدمكم النحس اللي يجيب الفقر
قالها وتحركت اقدامه على الفور نحو المغادرة وخلفه الشيخ المزعوم ولكنه تفاجأ بمن يقف يتصدر أمامه
على فين يا صدجي باشا هتمشي كدة من غير ما ترحب بحبايبك اللي جاينلك مخصوص يباركولك ع اللقية الجديدة.
تجمد الرجل مصعقوا كرد فهل اولي قبل ان يتمالك وتبرق عينيه باشتعال يغمغم الاسم بتذكر
بسيوني.
انتبه عارف عقب خروجه من المرحاض واثناء تجفيفه بالمنشفة على شعر رأسه لصوت زوجته المنفعل في الحديث عبر الهاتف مع احدهما
ازاي مجالكبش رايح فين يطلع في عز الليالي بالرجالة بتاعته من غير ما يقولك على خط سيره دا اټجنن دا ولا ايه............ وانتي هتجوليلي ما انا عارفاه وعارفه راسه الناشفة....... يا حبيبتي اهدي متجلجيش عليه دا اخويا وانا عارفاه على كد ما هو متهور في افعاله لكنه في نفس الوجت حريص ومفيش ازكي منه.......... يا حبيتي عارفة ان انتي

بتتكلمي خوف وعشان العيل اللي جاي فهماكي انا فهماكي
انهت المكالمة لتلتف نحو زوجها الذي جلس بالقرب منها على الفراش يسألها بقلق
ايه الحكاية ماله اخوكي المچنون عمل ايه
ردت بقلق واضح
دي نادية متصلة بتجول انه خد الرجالة وطلع من ربع ساعة بالظبط ولما سألته مرديش يريحها غير بجملة واحدة متجلجيش خير ان شاء الله 
وه .
غمغم عارف بدهشة قبل ان يتناول هاتفه ويطلب الرقم على الفور ثم عاد اليها بقوله
ېخرب عجله دا بيقولي الرقم مغلق هو راح فين الجزين ده
ما هو دا اللي مخلي مرته بتشد في شعرها مسكينة بتكلمني وھتموت من الړعب خاېفة عليه حتى وهي بتلاوعني في الكلام انا نفسي كمان هتجن واعرف راح فين عليا النعمة غازي ده عايز اللي يلمه على عمايله دي طب يدينا خبر ولا حتى يخبرك انت صاحبه مش انت صاحبه بردك
طبعا صاحبه يا مچنونة انت كمان .
هتفت بها ردا لها قبل ان يعاود الاتصال مرة اخرى مرددا بقلق تسرب اليه هو الاخر
جيب العواقب سليمة يارب يا ترى هببت ايه يا غازي الزفت
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. 
صړخت بها وهي تنهض بجزعها عن الفراش واضعة يدها فوق موضع قلبها وكأنها كانت في سباق عدو ولسان فمها لا يتوقف عن التمتمة بالأدعية الحافظة رغم لهاثها
فعلها جعل سکينة هي الأخرى تستقيظ جوارها على التخت المجاور لها لتخاطبها بحنان
بسم الله عليكي يا بتي دا اكيد كابوس اللي كتم على نفسك 
قالتها سکينة وتقدمت نحوها بالكوب الزجاجي الممتلئ بالمياه لتلتقطه الأخرى وترتشف منه المياه دفعة واحدة وكأنها كانت في صحراء جرداء لتمسد المرأة على ذراعها بحنو قائلة
بالهنا يا بنتي ليكون نمتي من غير ما تقري قرآن مش بعادتك يعني
مسحت سليمة بكفها على جبهتها وباقي وجهها تمسح عنهما العرق الذي اڠرق بشرتها لتعقب ردا لها
والله ما انا عارفة دا كان كابوس ولا حقيقة اللهم اجعله خير .
سألتها سکينة بفضول
ليه يا بتي هو انتي حلمتي بإيه
كانت على وشك ان تجيبها قبل ان تنتبه على خلو الغرفة الا منهما لتسالها بفضول 
امال هويدا راحت فين دي نامت جبل اما انام .
اجابتها سکينة بعدم اكتراث وهي تعود لفراشها بخطواتها البطيئة بفضل التقدم بالعمر
جالها اتصال من شوية وبعدها رجعت تلبس عبايتها السودة بتاعة الطلوع واما سألتها راحة فين جالت جوز بتي جاعد تحت مستنيني عايزني اروحلها دلوك واشوفها ليكون اللي عندها دلوك طلق ولادة.
طلق ولادة. 
رددت بها سليمة من خلفها لتغمغم بتساؤل واستغراب
طلق ولادة ع التامن يمكن..... الله اعلم .
وصلت القوة الأمنية لتدفع باب المنزل المفتوح على مصراعيه ليدلف مقدم الحملة اولا ثم خلفه عدد من الرجال الأشداء يرافقهم غازي والذي دلهم على طريق الغرفة المقصودة من وصف رجله الذي اتقطع به الاتصال منذ دقائق حتى شعر بانقباض قلبه في القلق عليه.
يخشى ان يكون قد تهور بفعل من نفسه رغم التحذير والتشديد من جانبه الا يفعل شيء من دون مشورته
شكلهم هربوا يا باشا مفيش اي صوت في البيت 
قالها احد رجال الأمن قبل ان ېصرخ الاخر
يا نهار اسود دا في واحد هنا باين دماغه مفتوحة ومغمى عليه .
اندفع غازي مع الرجال نحو الجهة التي جاء منها الصوت وكانت المفاجأة حينما رأه كالچثة امامه مستلقي لبقع على ركبتيه جواره ېصرخ عليه بجزع
بسيوني ايه اللي حصلك يا بسيوني
لم يكد ينهيها
حتى صدر صوت إجش من جهة قريبة
دا في قتيل تاني هنا كمان!
.... ينبع
الفصل التاسع ج٢
بخطواته السريعة كان يخترق الرواق الطويل ثم يصعد الدرجات الرخامية للسلم اللولبي على اقدامه فلم يأتيه صبر لانتظار المصعد الكهربائي 
واصل ركضه حتى وصل الى القسم المقصود وقعت ابصاره عليها قبل الجميع منزوية بأحد الاركان وكأنها طفلة ضائعة تنتظر والدها ان يعثر عليها رغم امتلاء الردهة بعدد الأفراد من البلدة ومؤازرة شقيقة غازي لها وهي واقفة الان جوارها إلا انها كانت وحيدة.
هي وحيدة دون شقيقها وحيدة دون معلمها وحيدة وسط الجميع كم يؤلمه الأمر هو يراها هكذا ولا يملك المقدرة على احتوئها ان يراها ضعيفة وردته البرية الجميلة.
تحمحم يجلي حلقه ليملك زمام امره متوجها نحو غاازي اولا وقد كان هو الاقرب اليه حيث كان جالسا على احد مقاعد الانتظار وبجواره عدد من الاشخاص لا يعلمهم من أهل البلدة.
ايه الاخبار
كان هذا هو السؤال الاول منه فور ان صافحه على عجالة يتخذ مقعده بجواره فجاء رد الاخر بقنوط زافرا دفعة كبيرة من الهواء من انفه
لا جديد الدكتور بيقول كله بأمر ربنا وشكلها كدة مطولة والله اعلم بجى ان كان فيها نجاة ولا.....
ولا ايه لا طبعا فيها نجاة. 
قالها بلهفة يتابع بأمل
المستشفى دي من احسن المستشفيات في الجمهورية والمنطقة كلها انا بحثت عنها رغم ان سامع من زمان عن سمعتها كل التقارير عنها بتأكد كلامي وانت ربنا يجازيك خير مستنتش عليه وجيبته فورا ع القاهرة في طيارة خاصة ومجهزة
ويعني كنت لحجته
قالها بما يشبه السخرية بمرارة ضاربا بكف يده على عصاه يسند رأسه المتعب عليه وقد بلغ منه الاجهاد مبلغه بعد قضاءه ثلاث ليال في المشفى في انتظار ولو بشرى صغيرة تريح قلبه عن رجله الاول والاخير بسيوني .
عقب يوسف على قوله بانفعال
يا غازي بلاش يأس وانا شايف اننا لحد دلوقتي ماشين صح انت متأخرتش عنه وكله بإيد ربنا لا تقنطوا من رحمة الله.
ونعم بالله 
تمتم بها غازي ممسكا بطرفي اصبعه أعلى انفه في تعبيرا لا ارادي عن الأرهاق الشديد الذي كان يعصف به في هذه اللحظة 
ربت يوسف بكف يده على ركبة الاخر يحادثه
قوم يا غازي ريح نفسك شوية واحلق دقنك مش كدة يا حبيبي كفاية علينا واحد مش ناقصنا انت كمان توقع..
اومأ له بكف يده بحركة يفعلها كي يوقف اي حديث معه في هذا الشأن رأسه اليابس لا يقبل النصح ولا الأرشاد في شيء يراه لابد من فعله.
حينما يأس منه يوسف تركه ليتقدم بخطوات مترددة نحوها يحافظ بصعوبة على رزانة القول في مخاطبتها بعدما القى التحية عليها وعلى روح الواقفة بجوارها
عاملة ايه النهاردة يا وردة يا رب تكوني احسن من امبارح.
اومأت بهز رأسها يخرج صوتها بصعوبة
الحمد لله الحمد لله كل اللي يجيبه ربنا كويس هو أكيد هيجوم ومش هيسبني هو عمره ما سابني أصلا انا متأكدة منها دي.
قالت الاخيرة بصوت بح من فرط التأثر حتى جعل الأخرى لتزيد من ضمھا اليها تقبل رأسها بدعم امام قلب يتلوى بلوعة الحزن عليها لا يملك الحيلة في التخفيف عنها والتهوين.
انتبه لتصلبها المفاجئ وراسها الذي ارتفع بنظرة متجهمة مسلطة على أحد ما من خلفه حتى جعلته ينظر هو الاخر في نفس الإتجاه نحو احد الرجال يبدوا انه من أهل البلدة من ملابسه والعمامة التي تعلوا رأسه ظن انه ربما يكون قريب لها قبل ان يصدم بما وصل الى اسماعه بعد ذلك .
ودا ايه اللي جابه ده تو

ما افتكر!
معلش يا ورد يمكن سمع متأخر.
والله. 
هو مين يا جماعة اللي سمع متأخر
كان هذا سؤاله الموجه لهما فجاء الرد من روح
دا ابوها والد بسيوني وورد .
نعم! ابوها! 
قالها بعدم تصديق يتابع بعفوية لم يقصدها
انا كنت فاكر........ انهم يعنى.....
يتمى وملهمش غير بعض انت مكدبتش احنا فعلا ملناش غير بعض
قالتها ورد ليلتف اليها مصعوقا لوقع الجملة التي خرجت منها لا يستوعب صحتها
توقف بسيارته في ساحة واسعة قريبة الى حد ما 
ليترجل منها يغلق بابها بإحكام امام النظرات الفضولية من المارة يسير بتخايل حاملا على يده علبة مغلفة للحلوى يعلم انها سوف تثير الأنبهار لدى هذه الصغيرة عله يستعيد لهفتها القديمة نحوه قبل زواجه بها لتنعش داخله هذا الاحساس الذي افتقده منها في ألفترة الأخيرة لقد فترت لهفتها لدرجة تجعلها تردف بالحجج من أجل أن تطيل من فترة بقاءها عند اسرتها بذاك المنزل الطيني الذي اصبح امامه الان بعدما دخل الشارع الضيق الذي كان يوجد بها منزل شقيقته قبل ان تتركه وتسكن في شقة جديدة قام ببناءها زوجها بفضل عمله معه.
تأفف بازدراء وهو يتجنب بخطواته بركة مياه فعلتها احدى النساء بغسيل فراش المنزل في الشارع والتي انتبهت لتخاطبه بما يشبه الاعتذار
معلش يا بيه ما انت عارف بجى الشتا وعمايله لازم عنينا تطلع في كل مرة نغسل فيها على ما تنشف الارض.
اومأ لها بملامح ممتعضة ليكمل السير نحو المنزل الذي وصله اخيرا ليطرق على الخشب مغمغما بقرف
لا والهانم عاجبها الحال في القرف دا وعايزة تطول الجعدة ومش مكفيها اسبوع!
فتحت له احدى شقيقاتها الصغار مهللة
عمو عمر اختي هدير جاعدة عندينا. 
امال انا عارفها جاعدة عند مين
تمتم بها ضاحكا يحمل الصغيرة قبل ان يسألها
امك ولا وابوك ولا هدير فين جاعدين.
اجابته الطفلة بلهفة 
امي جاعدة جوا في الحوش بتنضف الشرشارة وابويا راح شغله
16  17  18 

انت في الصفحة 17 من 30 صفحات