ندوب الهوي بقلم ندا حسن
ربما بعد أن رأى توترها وهي تستأذن منه!.. أردف بخشونة قائلا
متتأخريش وخدي بالك من نفسك.. لو اتأخرتي لبعد عشرة كلميني اجي أخدك
ابتسمت إليه هي الأخرى باتساع بعد رؤية نظرته الحنونة التي حرمت منها منذ أن رحل والدها عنها وكأنها تناست كل ما كانت تهتف وتفكر به منذ قليل لتتمتم داخلها بإسم حبيبي!..
أومأت إليه فابتعد وهبط الدرج ممسكا بالعباءة رافعا إياها عن الأرضية وهو يحاول أن يفكر في ما يحدث مع هذه البلهاء الصغيرة التي لا تفقه أي شيء وكل تصرفاتها تناقض بعضها معه..
كان ينتظر اليوم الذي ستوافق فيه بزواجها منه أو لا توافق حتى فيكفي موافقة شقيقها ثم تأتي بعدها موافقتها بما كان سيفعله لأجلها فقط ولأجل عينيها
احترق قلبه بعد أن سرقها منه جاد وجعلها ملك له هو وحده يأخذ منها ما يشاء في أي وقت يريد لقد كانت برنسس الحارة كما أطلق عليها إنها لا تتناسب مع ابن أبو الدهب بل كانت تتناسب معه هو كان سيجعلها شيء آخر غير الذي عرفته عنها..
عاد إلى الخلف بظهر المقعد المتحرك وهو يطلق زفره طويلة تخرج من صدره بحرارة ڼارية داخله تكاد أن تحرقه لكنه منعها عن فعل ذلك بتفكيره الشيطاني بها..
إلا برسم سمعة سيئة للغاية لها أمام الجميع حتى تعود ذليلة إليه تترجاه وتنحني أمام قدميه ليتقبل وجودها في حياته
نظر إلى مدخل محل الهواتف الخاص به وهو يجلس على مكتبه في الداخل ليرى شقيقها جمال يدلف إليه ابتسم داخله بسخرية شديدة على ذلك الأبلة الذي يحركه مثل عروس المريونت بين يديه فقط لأنه يوفر له عمل مشپوه!..
جلس جمال براحة على المقعد أمام مكتب مسعد ليقابله الآخر واضعا يده أسفل ذقنه وهتف بسخرية وتهكم
أهلا بسي جلجل... اللي ضحك عليا وعملني قرطاس بعد ما خد فلوسي وجوز أخته للمكانيكي
بلاش الشويتين دول يا عم مسعد أنا وأنت عارفين إن الفلوس اللي باخدها دي علشان الشغل يمكن زيادة حبتين بس بردو شغلي يابا.. وبالنسبة بقى لجوازة أختي فهي مش عايزاك كرهاك مش طايقة تبص في سحلتك أعملها ايه
تقدم إلى الأمام ضاربا سطح المكتب بعصبية وهو يصيح به
أشاح جمال وجهه للناحية الأخرى مشيرا له بلا مبالاة بيده
لأ متقلقش مهي هتشوفه أكتر مع الاسطى جاد
وقف مسعد على قدميه بعصبية وانزعاج من حديث هذا الأبلة الصغير وأردف قائلا
امشي ياض من هنا يلا... يلا ياض
وقف جمال مبتسما باستفزاز وسار للخارج فهتف مسعد بحړقة قائلا
خليك عارف البرنسس مش هتشوف يوم حلو مع الميكانيكي الجربان ده وهنغص عليها عيشتها علشان مش مسعد الشباط اللي يتعمل معاه كده... وابقى اسألها أنا كنت هعمل ايه لولا الميكانيكي بتاعها لحقها
لم يعطي جمال انتباهه له من الأساس استمع إلى كامل حديثه ولكنه لم يعلقه داخل رأسه لأنه يعلم أن مسعد لا يستطيع التصدي ل جاد..
بينما الآخر دفع بيده كل ما كان أمامه على المكتب في لحظة واحدة وهو يلهث پعنف وڠضب عارم وقف يتطلع إلى الخارج والحقد يغلي داخله متمتما بحړقة
عليا الحړام ما هسيبك يا بنت ال
في المساء
بعد أن قامت بصلاة العشاء وانتظرت ما يقارب النصف ساعة ارتدت هدير فستان يجمع بين اللونين الأبيض والأسود كان يصل إلى قدميها كما كل الفساتين لديها فضفاض ولا يبرز أي شيء من مفاتنها تصل أكمامه إلى معصم يدها ويزين وجهها حجاب لونه أبيض وقليل من كحل الأعين الأسود ليس إلا..
وفي هذه الطلة كانت غاية في الجمال والرقة ملامحها هادئة وجميلة تدعوك للاسترخاء وأنت تنظر إليها..
أخذت حقيبتها السوداء الصغيرة ووضعت بها الهاتف ثم تقدمت من باب الشقة وصاحت قائلة لتستمع إليها شقيقتها بالداخل
مريم هاخد الهيلز الأسود بتاعك
ماشي
رأت والدتها تتقدم منها بجسدها المملوء قليلا وهي تنظر إليها بحب قائلة بسعادة وفرحة أم ترى ابنتها الجميلة
بسم الله ما شاء الله هتتحسدي يا بت يا هدير
ابتسمت الأخرى وهي ترتدي الحذاء مجيبة إياها بسخرية
على ايه بس يا ماما
لوت شفتيها بحركة شعبية وهتفت قائلة وهي ترفع حاجبها
على ايه.. على الجمال والحلاوة والله دا يا بختوا بيكي جاد
ابتسمت إليها بود ثم وقفت باعتدال بعد أن انتهت وقالت بجدية وهي تضع الحقيبة على إحدى كتفيها
أنا ماشية يا ماما
ماشي يا حبيبتي مع السلامة.. متتأخريش علشان مقلقش عليكي
أومأت إليها
ثم خرجت من باب الشقة وأغلقته خلفها فتوجهت بجسدها لتستدير وتذهب إلى الخارج ولكنها تفاجأت به يدلف من باب المنزل هو وابن عمه وضحكاتهم تعلو أمامها..
رأته يرتدي بنطال بيتي أسود يعلوه قميص قطني أسود بنصف كم أيضا ويرتدي سمير شورت جينز يعلوه قميص أسود مثل جاد والعرق يتصبب منهم هم الاثنين..
تقدموا إلى الداخل فترك سمير جاد وصعد إلى الأعلى مبتعدا عنهم بعد أن ألقى عليها السلام مبتسما بوجهها لتبادله الابتسامة والتحية..
وتذكرت هي أن اليوم الجمعة وكما المعتاد بعد صلاة العشاء في المسجد يذهب هو وابن عمه إلى الصالة الرياضية الموجودة بالحارة ليعتني بجسده قليلا وليحافظ على وزنه ورشاقته...
ابتسم بوجهها وهو يقف أمامها مباشرة ناظرا إليها وإلى جمالها الذي سيؤدي بحياته أردف سائلا إياها والابتسامة على وجهه
رايحه الفرح
أومأت إليه برأسها بهدوء وهي تشبع نظرها منه ومن وسامته التي أصبحت ملك لها.
مرة أخرى يردف باستغراب وجدية
اومال فين رحمة
أنا لسه هعدي عليها ونروح من هناك.. الفرح قريب منها
أبعد خصلات شعره للخلف بيده وهو يهتف بصوت أجش قائلا
طب ادخلي استنيني جوا هغير بسرعة واجي اوصلك
امتنعت عن الفكرة وهي ترفع يدها تشير بها يمينا ويسارا مردفة
لأ لأ مالوش لازمة أنا هروح لوحدي
أمسك بيدها يضغط عليها وهو يهتف بصوت حازم ثم جعله يذهب للين معها
قولت هوصلك وكمان وأنت جاية كلميني اجي أخدك ما أنا قاعد فاضي مواريش غيرك
جذبت
يدها منه ووضعتها أمام صدرها بتحفظ وحدة وكأنها تود العراك الآن هاتفه بجدية شديدة وهي تتساءل
وأنت عايز حد تاني ولا حاجه
رفع إحدى حاجبيه بذهول لرؤية غيرتها وانطلقت ضحكته الرجولية التي كرمشت عينيه الرمادية لتتوه في وسامته الجذابة ثم رأته يتحدث ومازالت آثار الضحكة على وجهه
لأ يا وحش أنت كفاية
ابتسمت بسبب ابتسامته الهادئة لها ومناداته لها ب الۏحش كدليل على قوتها بعد أن رأى ردها عليه حاد..
هطلع أغير هدومي أحسن دي كلها عرق.. استنيني جوا خمسة وجاي
أومأت إليه مرة أخرى بهدوء
ماشي متتأخرش عليا
داخله أحيانا يشعر بأنها مچنونة لقد نشبت معه مشاجرة على السطح في الصباح والآن ودت ولو نشب بينهم عراك آخر ولكن في نفس الوقت تود أن تكون سعيدة وتبادلة الابتسامة ربما هي فقط مشتتة..
أردف متهكما بسخرية
والله مچنونة... بس وحش
يتبع
ندوب_الهوى
الفصل_العاشر
ندا_حسن
السعادة!.. دعونا لا نتحدث عن السعادة
ما دام لم ننعم بأحضان من نحب
دق منبه الهاتف في الساعة الثانية والنصف صباحا قبل صلاة الفجر فتح جاد عينيه بصعوبة على صوته أخذا نفس عميق وزفره بضيق مد يده إلى الكومود المجاور للفراش وأمسك بالهاتف ثم أغلق المنبه..
وضع كف يده على فمه وهو يتثاءب ثم فتح الهاتف أمام عينيه النصف مغلقة ومازال ممددا على ظهره فوق الفراش..
وضع الهاتف على أذنه ليستمع إلى صوت الجرس الذي يدق في أذنه ثم إلى صوت سمير الناعس الذي أتى بضيق واضح
في ايه على الصبح يا جدع
أردف جاد بهدوء شديد وهو يجيبه
قوم ياض هنصلي الفجر
فتح سمير عينيه على الطرف الآخر مندهشا من رده البارد عليه ليقول بغيظ وحدة
أنت بتستهبل يا جاد!.. أنا من امتى وأنا بصلي معاك الفجر وبعدين حتى لو بصليه معاك لسه بدري ياعم عايز ايه
جلس جاد على الفراش واعتدل في جلسته وتحدث قائلا بنبرة رجولية جادة
هتصليه معايا من يوم ورايح يا روح جاد.. يلا قوم ياض
رفع حاجبيه بغيظ ثم صاح عبر الهاتف بصوت عال
بقى كده!.. طب مش قايم يا ابن أبو الدهب ويلا بالسلامة عايز اتخمد
زفر بضيق وهو يهتف قائلا
ما تقوم ياض وتخلي عندك ډم
تأفأف سمير وأجابه وهو يعتدل على جانبه الأيمن
ياعم أنا معنديش ډم أنت مالك
ابتسم الآخر وتحدث بسخرية وتهكم واضح
كنت عارف إنك عايش بمايه بس كنت بكدب نفسي
صاح سمير بجدية ونفاذ صبر ليبتعد عنه ويتركه لينام قليلا
طيب يا سيدي واديك اتأكدت سيبني
في حالي بقى
عايزاك ياض
أبعد جاد الهاتف عن أذنه سريعا بعد أن استمع إلى صوته العالي الذي ازعجه ثم وضعه مرة أخرى بعد أن وجده سيغلق الهاتف وترجاه قائلا بنبرة حانية يعلم أنها ستأتي بنتيجة جيدة معه
متبقاش رزل بقى قوم عايزك في خدمة صغيرة وبعدين نصلي سوا
سأله مستنكرا الوقت الذي يريده فيه بعيدا عن الصلاة بجدية عندما استمع إلى نبرة صوته
دلوقتي..
أومأ إليه مؤكدا حديثه بجدية
آه.. يلا بسرعة هستناك تحت
أغلق سمير في وجهه بعد أن تأفأف عدة مرات لاعنا معرفته به ليبتسم جاد بسخرية عليه ثم وقف على قدميه ليخرج من الغرفة متوجها إلى المرحاض...
استيقظ الجميع في صباح اليوم التالي على خبر تحطيم أحد محلات الهواتف والالكترونيات الخاص ب مسعد الشباط والذي كان في الحارة..
عندما ذهب العامل به في الصباح ليقوم بفتحه وجد الأطفال منهم من تشجع ودلف إليه ومنهم من وقف في الخارج ينظر إلى ما حدث داخله..
وكان هناك بعض النساء التي وقفت تتهامس في ركن بعيد نسبيا عنه تقدم سريعا وهو لا يدري ما الذي حدث ليرى الصدمة أمامه والذي ألزمته الصمت..
زجاج المحل الأمامي محطم بالكامل مما سهل دخول هذه الأطفال إليه الكاميرا الموضوعة أعلى الباب محطمة والنظرة الشاملة له أنه ليس به ما بقي على وضعه..
تقدم إلى الداخل فذهبت الأطفال ركضا إلى الخارج ومنهم من أخذ بيده علبة من الهواتف الذكية واثنين أيضا..
وجد الكومبيوتر ملقى على الأرضية محطم وحاسوب مسعد الخاص مثله تماما بينما الهواتف جميعها على الأرضية وربما القليل منها فقط هو الذي