تعلقت بوقاره
باب غرفة مقفل واوراق وكتب وموسيقى هادئى وحالة من الصفاء النفسي والابتعاد عن كل شيىء لتسمى وحدة بل الموضوع تخطى حدود وحدتي النفسية ليرتقي الى الوحدة الجسدية والحسية والصوتية وكل شيىء...وحدة مرغمة انا بها لا اختيارية...
في ايام العزاء كان الجميع الى جانبي اختي رانية حتى اختي سهى اتت مع زوجها سليم من لندن لتكون الى جانبنا ...الجميع كان متأثر وحزين....ولكن ليس كألمي وحزني وضعفي....
وانا كنت هكذا....نسيت الشرفة...نسيت احلامي...نسيت اخر اللحظات التي جمعتتني مع الدكتور جمال والتي كنت احلم بها بل وانتظرها بفارغ الصبر الان لا اريد ان اتذكرها...لا اريد ان اتذكر المشهد الذي جمعني به وبأمي التي ماټت امام عيني...لا اريد ان اتذكر هذه الليلة..لا اريد حتما لا اريد...
اتشح منزلنا بالسواد....وعدنا نحن الثلاثة ...كما كنا قبلها...انا ورانية وسهى..ولكن هذه المرة من دون اب ومن دون ام.......
ثلاثة فتيات لا يعرفت سوى البكاء على الاطلال.....ولكن في النهاية...رانية ستذهب الى منزلها وزوجها احمد وبناتها...وسهى ستعود مع زوجها سليم الى لندن ..وسأبقى انا وصورة امي سوية....
ويوم بعد يوم رانية عادت الى حياتها العائلية وبقيت سهى معي....سهى كانت الاخت الوسطى كنت كثيرة الخلاف معها قبل زواجها لقرب العمر بيننا على عكس رانية التي كنت اتفق معها اكثر فهي اختي الكبيرة....
كنا نجلس انا وههي لساعات كل منا مشغول في شيىء من دون ان نتكلم....الى ان وجدتها في يوم اقتربت مني قائلة...
انا مسافرة بعد يومين يا مريم...
وانتي حتعملي ايه
ولا حاجة يا سهى...حفضل هنا مش حروح اي مكان...
انا دماغي مشغولة عليكي اوي...ازاي حتقعدي لوحدك في بيت طويل عريض زي ده...
منا طول عمري لوحدي يا سهى..متعودة....او حرغم نفسي اتعود...
طب متروحي تقعدي مع رانية...
انا حجيلك بردو يا مريم....في الاجازة...وانتي حتجيلي بردو....مش حنسيبك صدقينيوبدأت بالبكاء وحضنتني
قلت لها وانا امسح دموعها ما تخافيش حبقى كويسة....
قالت بتأثر انا سليم قلي على حاجة مش عارفة اذا كنتي توافقي عليها ...
قولي يا سهى...
انك تتجوزي اي عربي في لندن وتحي عندي....هناك الحياة مختلفة عن هنا....البنت هنا لما تعيش لوحدها الكلام يكتر عليها....وانتي مش حتستحملي...
عمري يا سهى مش حدخل في مصېبة عشان ارتاح من مشكلة عندي....انا مش حتجوز....مش عايزة اتجوز......
انا مش حضغط عليكي ...بس انتي فكري في الموضوع ..وقوليلي....والعريس موجود
سافرت سهى ايضا....وبقيت لوحدي....انا وذكرياتي في بيتنا الكئيب....لا يخلو الأمر من بعض الضجة عندما تأتي ام اشواق....كم شعرت بها وبحنانها في هذه الفترة..لم تتركني...وكأن الله عوضني بها...كانت تطمئن علي واحيانا تطبخ بعض الاكل لي وتساعدني في تنظيف البيت وتجلس معي وتتحدث الي ....
عوضتني عن جزء صغير افتقدته ...كنت اشم فيها رائحة والدتي لأنها كانت تجلس معها دائما......
مريم انا عاوزة اقلك حاجة....
ايوة يا ام اشواق..
خدي مني بس الاول فنجان القهوة ده من ايدية
تسلمي يا ام اشواق....خير
فاكرة الدكتور الي جبتي عشان والدتك الله يرحمها...
تنفست الصعداء وقلت وانا اتنهد مالو
جيه اكتر من مرة وسأل عنك...بس انتي كان وضعك مش كويس وقتها فما كنتش بقلك ...
طرق قلبي من جديد......فقلت وانا احاول ان اتجاهل الموضوع اه اه افتكرته....
بس كان يجي يطمن عليكي ويروح ما يطلبش يشوفك ولا حاجة احيانا كنت انا بتكلم معاه واحيانا رانية..
رانية ما قالتليش حاجة..
ام اشواق تعرفي انا حسيتو مهتم بيكي اوي...بس هو باين عليه كبير يعني مش صغير من شباب اليومين دول ....وانا عرفتلك عنو شوية معلومات....
لمعت عيوني وانا اسمع ام اشواق ولكنني عدت وتظاهرت بأن الموضوع لا يهمني وتعرفي عنه معلومات ليه مالنا ومالو...
مالنا ومالو ازي....هو انا حاجة تخفى علية....يجي اكتر من مرة ويسأل عليك وعاوزاني اعديها كده...لا اطأست وعرفت اصلو وفصلو...
قلت بقلق ايه يعني ام اشواق قصدك ايه...
انا قلبي حاسس يا مريم ان الموضوع ده مش صدفة كده ومجياتو مش اي كلام ...خاصو اني عرفت انو وحداني وعايس بقالو 5 سنين هنا والكل بيشكر فيه وفي اخلاقو ...يعني مش اعرف مين ده الي بيسأل عن حبيتي مريم ولا يعني امك عشان انوفت الله يرحمها ما بقالكيش حد ېخاف عليكي..
اسرعت وحضنتها وقبلتها بحنان وابتسمت لها.....
خلال فترة اكثر من شهر تقريبا لم انزل من البيت لم اراه ولم اسمعاي شيىء عنه سوى ما قالته ام اشواق...
كنت اقضي يومي في اعمال البيت والقراءة والجلوس امام التلفاز او اخلو بنفسي لأكتب او ارسم ...افعل اي شيىء الا ان اذهب الى الشرفة.......
وعاد المطر من جديد يقرع زجاج نافذتي يريدني ان اقترب...في قلب الليل لوحدي لا اصوات ولا حتى كهرباء...لا شيىء سوى صوت الرعد وقطرات المطر......لففت الشال على رقبتي اريد ان اختفي فيه اكثر كي لا اقدم على اي عمل لا اريده....ولكن هناك شيىء يشدني لم اعرف ما هو لألتصق بنافذة الشرفة وافتحها بل واخرج...
لا اعرف ما الذي يجمع المطر ورؤيته.....
لقد رأيته....
ولأول مرة هو من ينظر الى الشرفة ......لم ادخل عندها ولم اهرب...بقيت انظر اليه واشد الشال على رقبتي اكثر...الا ان طار الشال وسقط على الارض بين قدميه....
انحنى والتقطه ونظر الي بحنان.....
دخلت الى غرفتي واقفلت الشرفة بقوة......وبكيت.....
استيقظت على طرقات باب ام اشواق....
لأجدها تضحك وتمسك في يدها باقة من الورد الابيض ملفوف في اسفلها شالي....
انا لقيتها هنا على باب البيت...دي ليكي يا مريم...مين جابها دي
الفصل الرابع
امسكت باقة الورد ولم أرد على تساؤلاتها وهي تردد جملها المعتادة...
مين الي جاب الورد ده ياترى قصدو ايه وعاوز ايه.....انتي اول مرة يجيلك ورد ولا هو ديما...اه يا اروبة اكيد انتي عارفة من مين ......ومش راضية تقوليلي....ما يكنش!!!!!
تركتها ودخلت الى غرفتي ... اما هي فيأست ودخلت الى المطبخ تحضر الفطور
.....وايضا تردد نفس الجمل واما ان تعرف من او لن تنام الليل.....
ولكن انا طبعا عرفت من أرسلها....امسكت الشال وعدت ووضعته على رقبتي.....اشم رائحته من جديد بعد ان لمستها يداه .....اصبح اجمل حتما ......بدأت افتش في باقة الورد لأجد اي شيىء داخلها ...ونجحت....وجدت بطاقة صغيرة كتب عليها بخط يده جملة واحدة الى اجمل عيون لا يليق بها البكاء ولكنني بكيت لا اعرف لماذا وكأنه قصد ان يبكيني من دون قصد ........مسحت دموعي واسمكت الباقة ووضعتها في اناء شفاف الى جانب سريري ....والبطاقة تحت وسادتي....
يقولون ان الورود في المساء تمنع الاوكسجين من الهواء وتؤدي الى الاختناق وانا اقول