بداية الرياح
مشتاقة إلى شقيقها فاروق ابتلعت لعابها قائلة لفتون بتوتر
_ فتون أقولك أنا كنت فين الصبح بس أوعي جليلة تاخد خبر.
أومأت لها الأخرى بحماس و إهتمام شديد لتكمل فريدة حديثها
_ أنا روحت شركة المسيري عشان أقابل أبيه فاروق بس طلع مسافر..
انتفضت فتون على أثر حديث فريدة غير منتبهة لجرس المنزل إذا علمت جليلة ستكون العواقب وخيمة فاروق و جليلة عبارة عن شعلة من النيران ټحرق الأخضر و اليابس ضړبت على صدرها بحركة عفوية قائلة
_ يا لهوي يا فريدة لية كدة آخر مرة جليلة رفضت الكلام معاكي أكتر من شهر فاروق أصلا إحنا برا أي حساب له ليه تقللي من نفسك بالشكل
ده!
ردت عليها فريدة بضيق
_ فاروق أخونا يا فتون بيحبنا زي جليلة بالظبط مش ذنبه إن بابا كتب كل حاجة له و إحنا لا و خصوصا جليلة اللي كانت شايلة كل الشغل معاه خطوة خطوة فاروق عايزنا نعيش معاه و يدي لينا كل حاجة حتى قالي إنه ممكن يعمل ليا برنامج خاص لو عايزة و ينشر ليكي في أحسن دار نشر المشاكل بينه و بين جليلة إحنا مش فيها خالص بقى..
هتفت فتون پغضب من توأمها الحمقاء
_ و هو عرف إننا عايزين كل ده منين! منك صح! أنا بجد زعلانة منك يا فريدة.. حياتنا الخاصة مش من حق فاروق إنه يبقى جزء منها و لو بتقولي العيب في بابا عشان كتب كل حاجة له فهو كان يقدر يرجع الحق لينا لو عايز ده إحنا مش كلاب عشان يرمي لينا عضمة..
قطع حديثهم دخول جليلة المفاجئ بإبتسامة سعيدة من الأذن إلى الأذن ثم أردفت و هي تقول لفريدة بسعادة أم لابنتها
_ كبرتي يا فريدة و بقى ليكي عرسان حضري نفسك الحاج منصور و إبنه عابد برا في الصالون عابد طالب إيدك يا بيضة.
شيماء سعيد
استغفروا لعلها ساعة استجابة
الفصل الثاني
بداية_الرياح_نسمة
حي_المغربلين
الفراشة_شيماء_سعيد
جسدها يرتجف من الړعب كأنها بشهر ديسمبر لا تشعر بما يحدث حولها العالم خلفها بوادي و هي بوادي آخر لا يصل إليها أصواتهم أو أي كلمة تخرج منهن.
نظرات الشفقة بعين نساء العائلة و الغل الواضح بتعبيرات صفية ترى أمام عينيها حقيقة غير قادرة على تصديقها عثمان فر هاربا بليلة ظلت تحلم بها معه منذ نعومة أظافرها..
كل ركن بالمكان يذكرها بشيء يجمعها به هنا تعلمت على يده القراءة و هنا تذوق أول وجبة منها و كانت بشعة إلا أنه رآها أجمل ما دلف إلى فمه سارت مع نساء العائلة و مرت من أمام غرفته قبل أن تدلف للغرفة المجاورة و الخاصة بفارس.
بقيت بمفردها بغرفة تكاد تختنق بها و باب مغلق عليها
ظلت بثوب زفافها ملقية بجسدها على الفراش ربما تكون مازالت تتنفس إلا أنها فارقت الحياة مع آخر جملة سمعتها منه آسف بس الموجة عالية جوي المرة دي.
أغلقت عينيها بمحاولة أخيرة منها للهروب أو يظهر أن كل ما حدث مجرد كابوس مرعب لن تقصه على أحد حتى لا يتحقق.
بخفوت أغلق باب الغرفة خلفه تحول من شقيق العريس و شاهد على عقد الزواج إلى العريس نفسه خطڤ نظرة سريعة لها قبل أن يدلف للمرحاض تائه لا يعلم ماذا يفعل أو على الأقل ما يحدث حوله.
بعد عشر دقائق أردف بصوت هادي
_ فرحة أنا عارف إنك صاحية لازم نتكلم.
ارتجفت أصولها هم بالصعيد و هذه من المفترض ليلة زفافهم أخذها عقلها إلى مكان بعيد لتصرخ بكل قوتها و هي تنكمش بآخر زاوية بالفراش
_ فارس أنا فرحة بنت عمك و حبيبة عثمان أرجوك بلاش تعمل أي حاجة تكسر اللي باقي مني أنا تعبت أوي النهاردة و مش قادرة أتحمل كل ده.
جلس على الطرف الآخر من الفراش بنفس هدوئه حياته الفنية علمته التمثيل بشكل جيد حتى بأصعب الأوقات إبتسم بوجهها قائلا
_ مټخافيش يا فرحة إنتي أختي مش بس بنت عمي اللي حصل تحت إنقاذ موقف مش مطلوب منك تعملي أي حاجة ربنا العالم إنتي عندي إيه زيك زي هادية أختي بالظبط نامي على السرير و أنا على الأرض بكرا لازم تنزلي معايا القاهرة عندي تصوير الواحد مش قادر يتكلم خالص النهاردة.
لم تصدق ما قاله اتسعت مقلتيها بذهول منه و من حنانه يا ليت لديها بالفعل شقيق مثله و بعقله أشارت إلى الشرفة المفتوحة و الناس بالخارج مردفة بتوتر و خوف
_ طيب و الناس اللي تحت دي هتعمل فيهم إيه يا ولد عمي!
_ تعالي و مټخافيش يا فرحة.
_ عثمان مستحيل يتخلى عني يا فارس صح!
تأكد من نومها ليريح جسدها على الفراش و هو يبتسم على نفسه بسخرية من بقائها بثوب الزفاف أخرج من خزانة الملابس الخاص و ذهب به إلى الشرفة أنتهى من كل شيء و أخذ وسادة مع شرشف خفيف دثر جسده به قائلا بسخرية
_ عجبا لك يا زمن بقى فارس المهدي أول ليلة له مع مراته تكون فرحة و كمان نايم على الأرض مكان الجزمة.
شيماء سعيد
تقف خلف باب غرفتها تسمع أحاديثهم بالخارج ضحكته المعبرة عن سعادته مثل السم القاټل لها رفعت هاتفها لترى رسالته الأخيرة بالصباح الليلة هنكون لبعض قصاد الكل يا حب عمري كله.
كڈبة صغيرة بلحظة طيش لتنتهي بأخذ قطعة من روحها و هي فقط عليها المشاهدة
عاجزة مشاعر قاسېة تسلب منها قلبها و تلقي بها بمكان مظلم فتحت باب الغرفة لترى ملامحه التي تعشقها يبتسم إلى شقيقتها فهو بالنسبة له حقق حلم العمر.
سقطت دموعها و ارتجف فكها بداخلها صړخة مكتومة لا تقدر على إخراج جزء بسيط منها دقاتها تتألم و أنفاسها تأخذها بصعوبة على عدة مراحل..
بالخارج..
يجلس عابد يتأمل ملامحها التي وقع بغرامها من اللحظة الأولى فريدة حبيبته من ثلاث أعوام و كلما أقترح عليها الزواج أجلت الأمر يعلم أنه أخذ تلك الخطوة دون العودة إليها إلا أنه سعيد سعيد جدا.
ترك الحاج منصور و جليلة بعض المساحة لهما ليبقى معها بمفرده إقترب من مقعدها قائلا بشوق
_ أخيرا الحلم اتحقق يا فريدة..
لم تجيبه استكفت فقط بإعطاء إبتسامة مجاملة إليه تعجب من صمتها و تعجب أكثر من عدم وجود خاتمه الخاص بكفها سألها بقلق بالغ
_ مالك يا فريدة انتي مش مبسوطة إننا هنكون سوا!
ابتلعت لعابها بتوتر لا تريد أن تجرحه بأي كلمة فعابد رجل فريد من نوعه رفعت رأسها لترى نظرات جليلة المحذرة فهي حمقاء بالحديث و قليلة الذوق بكثير من الأوقات فركت بأصابعها قائلة بنبرة هادئة
_ أنا كويسة يا عابد و مبسوطة.
مد يده يضم كفها إليه قائلا بحماس
_ طيب يا حبيبتي يبقى نقرأ الفاتحة إيه رأيك.
ردت عليه بسرعة البرق قائلة
_ لا لالا يعني أنا حابة أبيه فاروق يكون موجود في يوم زي ده.
أومأ لها رغم معرفته لعدم حبها لفاروق و شعورها الدائم بالنقص و عدم الأمان بسببه مرت الجلسة على خير و بطريقه إلى الخارج لمح طيفها تقف خلف باب غرفتها ثبت مكانه لعدة ثواني مع رؤية دموعها المتساقطة مثل قطرات الندى