لمن القرار
الكلمات من بين شفتيها بصعوبة
أنت بتقول إية
بقول الحقيقة اللي كانت لازم تتقال من زمان أوي...الحقيقة اللي فضلت معذبني طول عمري وكل ده عشان بحبك.. ضيعتي مني بنت يا ناهد مش كفاية عليا إني عايش وظلم أمها في رقبتي
لم يتحمل قلب عبدالله المزيد.. صورة أمل وهي راقدة على الفراش تعطيه أبنته وتخبره أن لا يظلمها مثلما ظلمها
سقطت دموعه وكأن الخمسة وعشرون عاما كانوا أمس
خونتني يا عبدالله.. ضحكت عليا
تعلقت عينين رسلان بهما بعدما وقف يلتقط أنفاسه.. يستمع إلى هذيان عبدالله
ضيعتي بنت.. طردتيها بسبب أنانيتك وحبك لبنتك اللي خليتها صورة طبق الأصل منك.. حرمتي بنتي من الراجل الوحيد اللي حبته وحبها .. حرمتيها من حنان وكل ده ليه عشان حبيتك
التقطت عيناه رسلان الذي وقف على باب الغرفة ينظر إليهما لا يستوعب الصدمة.. فمن التي رحلت
ملك ضاعت يا رسلان... هعيش بذنب بنتي زي ما عيشت بذنب أمها طول العمر
........
تعلقت عينين الجد به وتلك النظرة التي لأول مرة يراها في عينين حفيده.. إنه كان سعيد كما كانت سعيدة هي قبل إنصرافها من بينهم بعدما شعرت بالخجل لتدخلها في حديثهم وإقتراحها على ما يجب فعله حتى تعود الأرض وتنتج المزيد من المحاصيل
خسارة البنت ديه.. هما أهلها فين يا بني
كانت عينين سليم تتابع خطواتها المنصرفة في عجالة فعاد الجد يهتف به
سليم.. سليم
أنتبه أخيرا على نداء جده ينظر إليه بتوتر يحاول أن يستجمع شتات نفسه
بتقول حاجة يا جدي
ارتكزت عينين الجد عليه وأخذ يضرب الأرض بعصاه الأنبوسية
بقولك فين أهل البنت ديه.. المفروض هما أولى بيها ويعرفوا بنتهم فين دلوقتي
أهلها ناس غلابه يا جدي
وهي الناس الغلابه بترمي عيالها برضوة.. إيه مصدقوا يجوزوها لأي راجل ويخلصوا منها
حرك يديه على خصلات شعره مرتبكا فنفس السؤال الذي سأله حازم صديقه.. فأين هم أهلها ولما هو من سيطلقها من زوجها ويكون البطل المغوار.. لو كانت يتيمة لكان الجميع قد صمت
أبوها راجل فلاح بسيط عنده سبعة ولا ثمانية غيرها تفتكر هيهتم بيها ولا هيهتم في اللي لسا متشعلقين في رقبته
واردف وقد وجد حجته القوية
أنت عارف في القرى البسيطة لسا في ناس ما بتصدق تجوز البنت وترتاح من عبئها ومعندهومش حاجة أسمها اطلق من جوزي لازم تستحمل حتى لو هيموتها
رمقه الجد دون إقتناع ومازال يضرب عصاه على الأرض
وأنت من أمتي قلبك حنين يا سليم.. من أمتي يا ابن صفوان
نعته بأثقل الألقاب على قلبه.. جده لا ينعته بذلك الاسم إلا في زيجاته كلما علم من مصادره الخاصة
عمرك ما قولتلي ابن صفوان غير وأنت شايفني في صورته
نهض الجد عن مقعده بعدما شعر بحاجته للراحة
لو هتطلقها عشان تاخدها من جوزها يبقى سيبها تروح لحالها يا سليم.. بلاش يا بني تكون شبهه
انصرف الجد صاعدا نحو غرفته.. فوقف يطالع خطواته بوجه جامد.. حازم وجده يروا إنه يفعل ذلك من أجل حاجة في نفسه.. أحيانا يصدق حسن نواياه نحوها وأحيانا أخرى يدرك سوء نيته وهو يتخيلها بين ذراعيه
سليم بيه
فاق على صوتها وهي تناديه.. فطالعها وقد غامت عيناه بالظلام الذي يغلف قلبه كلما تخيل نفسه يشبه صورة والده
هو أنا هعمل إيه لم أطلق من حسن يا بيه.. هرجع لأهلي ولا هروح فين
طال صمته وهو يحدق بها.. هل سيجعلها فريسة تحت أنيابه ينهش لحمها فهو لن يعطيها مكانة نساءه بالزواج.. إنها خادمته
هترجعي لأهلك يا فتون وأنا هتكفل بكل مصاريفك لحد ما تدخلي الجامعة وتتخرجي منها
اتسعت عيناها ذهولا يتخللها الفرحة غير مصدقة ما سمعته
هكمل تعليمي يا بيه.. يعني هدخل الجامعة وأكون محامية شاطرة زيك
أخذ قلبه يدق پعنف وهو يري فرحتها التي أنارت ملامحها الجميلة ولمعت بعينيها الواسعتين وكادت أن تندفع نحوه تحتضنه ولكنها تمالكت نفسها ووقفت تطرق عيناها أرضا.. لم يغفل عن تلك الحركة وللعجب قد أراد أن يشعر بجسدها بين ذراعيه.. أراد فعلتها المندفعة.. الرغبة تحركه تحركه بدرجة ممېته.. لا بد أن يرجع لمغامراته ونساءه اللواتي تركهم بعد شهيرة حتى يشفي من هذا المړض.. سليم النجار يهوي خادمته بل ويهذب نفسه ليكون رجلا شريفا
رنين هاتفه أخذ يصدح في الأرجاء فجعله يفيق من ذلك الصراع الذي يعيشه ويجعله كالحائر
دقق النظر في رقم المتصل ولم تكن إلا تلك التي تريد أن تدخل في قائمة نساءه برغبتها دينا رياض أرملة صالح مراد ذلك الرجل الذي كان معروف بنزاهته موكلته الجديدة
التي تصر أن يمسك هو قضيتها
ألغى مكالمتها فلم يعتاد على النساء اللواتي يرمون أنفسهن عليه بل هو من كان يرمي شباكه ويسعى خلف المرأة التي يريدها بالطرق المشروعة
عاد هاتفه يضىء ولكن تلك المرة برسالتها لتتجمد عيناه على محتوي الرسالة.. حامد الأسيوطي يهدده
وضع هاتفه على أذنه بعدما ابتعد عن تلك الواقفة ينتظر إجابة تلك التي قد علمت إنها أختارت الطريق الصحيح لتقربه منها وتدفعه ليمسك قضيتها بدلا من صديقه
هددك أمتي
ابتسمت دينا بعدما جالت بعينيها على تفاصيل جسدها الذي تعكسه مرآتها تهتف بوداعة ونعومة
بعتلي الرسالة من ساعة... مكنتش عايزة ابعتها ليك.. رجع يهددني تاني.. انا مش عايزه غير حقي وحق أبني وأعيش في هدوء
هو فاكر أني زي غيري بنسحب بسهولة.. ميعرفش مين سليم النجار
اتسعت ابتسامتها فقد حققت بداية هدفها.. رفعت يدها على خصلاتها الناعمة تتلاعب بهم
أنا خاېفة أوي يا سليم.. أنا ست عايشه لوحدي.. انا مش عارفه أعمل إية
لم يكن بالساذج ليسقط بسهولة في وداعة حديثها وذلك الضعف الذي تستخدمه النساء في نيل غايتهم.. ارتفعت شفته العلوية في سخرية وهو يسمع عرضها
هو احنا ممكن نتقابل بس بلاش في المكتب لأحسن عيون حامد بقت عليا
إنتظر سماع باقية حديثها الذي كان يتوقعه
ممكن تجيلي شقتي.. أو أجيلك انا.. أنت عارف إني أرملة ولو ظهرت معاك بره ممكن يعني
وعادت السخرية ترتسم على شفتيه ها هم النساء يظهرون العفة إليه ولكنهم أكثر من مرحبين في تمهيد الطريق كما كان يخبره صفوان النجار والده العزيز
..........
استشاط حسن ڠضبا كلما تذكر أن سليم النجار أصرفه عن عمله بعدما إستلمي سائق أخر جاء يعمل في المؤسسة بدلا عنه
هو فاكر نفسه مين.. أنا يعمل فيا كده ويخلي حتت موظف من شئون العاملين يقولي أستغنينا عن خدماتك ويديني حتت مكافأة ملاليم
واردف متوعدا إليه يطالع صديقه الذي أخذ يمسح على وجهه المملوء بالكدمات
بيلوي دراعي عشان أطلق.. طب مش مطلق وهخليها كده متعلقة.. وبكره هبعت على أبوها في البلد يجي يشوف بنته السنيورة اللي بتتحامي في راجل غريب.. وأنت التاني مالك قاعد ساكت كده