الأربعاء 27 نوفمبر 2024

مذاق العشق المر بقلم سلمي المصري

انت في الصفحة 48 من 75 صفحات

موقع أيام نيوز


يراها الصغير مذنبة بدوره كما فعل الآخرون وحملوها أوزار العالم وكأنها شاركت يوسف جريمته 
صړخت وهى تخلع وشاحها عنها 
انت كمان عايز تحسسنى بالذنب خلاص بقيت انا المچرمة فى نظر الكل 
واقتربت منه وهى تقول ملوحة بكفيها 
انت مش فاهم حاجة يا علي انت لسة صغير ومش عارف يعني ايه 
وعضت على شفتيها كيف تشرح لطفل فى الثانية عشر ما فعله يوسف 

كيف تدنس براءته فى الخوض فى هذه الأمور حتى وان كانت تحتاج صداقته واحتوائه لها كما فى الماضي فلم يعد لها بعد الان غيره بعد أن ذهب يوسف وعائلته ولكن علي فاجئها بقوله 
انا عارف يا ايلينا عارف وفاهم يوسف عمل ايه عارف انه غلط وارتكب ذنب كبير بس ياترى انتي كمان فكرتي فى ذنبك 
مالت اليه هاتفة 
ذنبي ده خاني يا علي عارف يعني ايه خاني بتقول فاهم يبقا عارف هوا عمل ايه 
امسك كفها يضغطه بقوة 
وانتي فضحتيه وكشفتي ستره عارفة ده ذنب كبير ازاى عند ربنا 
تحررت دموعها هذه المرة فانهمرت فى غزارة وهي تحاول أن تبرر لنفسها ربما قبل ان تبرر له 
كنت مچروحة ومش عارفة افكر كنت عاوزه اوجعه زى ماهوا وجعني مكنتش عارفة اتلم على روحي مكنتش شايفة غير انه خاني وبس 
تحسس بيده حتى وصل الى وجنتها ليهمس فى حنان 
انتى عارفة انه بيحبك يا ايلينا كان لازم تسمعيه 
هتفت في مرارة تخبره بما ذبحها به 
راحلها برجليه يا علي خاني معاها الانسان الوحيد اللى حبيته وسلمتله نفسى ومشاعري جرحني باقسى طريقة ممكن حد يتخيلها ومش بس كدة ده فضل مخبي عليا سنين وجود ابن ليه 
للاسف يا ايلينا انتى بتسمعي اللى انتي عاوزاه عايزة كلام يريحك وخلاص عايزة حد يقولك انت صح برافو عليكي لكن لا انتي غلطانة كان ممكن تنفصلي عنه بهدوء لكن انتي فضحتيه ربنا ما امرناش بكدة انتى بتاخدي الدين بالظاهر وبس غيرتك عمتك ونستك كلام رسولنا لما قال من ستر مسلما ستره الله فى الدنيا والاخرة وانتى مش بس فضحتيه يا ايلينا انت دمرتيه فى شغله وسط اهله واصحابه كل حاجة كل حاجة هدتيها فوق دماغه ومتحاوليش تضحكي على نفسك انتى كان عندك النية لده كله من الأول مكنش لمجرد ان يوسف نرفزك يوميها 
ارتمت ارضا واخوها يواجهها بالحقيقة واضعة كفيها على أذنها 
اسكت بقا اسكت 
ونظرت الى الباب حيث خرج يوسف لتهز رأسها في حړقة 
خلاص اهو راح ومش راجع تاني حكايتنا خلصت لحد كدة خلاص مش عايزة اشوفه تانى فى حياتى ابدا 
جلس علي فى بطء الى جوار اخته وقد رق بالفعل لحالها تحسس شعرها وقرب رأسها بكفيه الصغيرين ليضمه الى صدره يعلم انها تكذب وتتألم تماما كما يتألم يوسف تتألم لالمه ولبعده 
همست بصوت مزقه النحيب وهى تتشبث بأخيها 
مش هشوفه تانى يا علي ابتدا يوحشني من دلوقتي مش عارفة هقدر اعيش من غيره ازاي ازاي مش هصحى على صوته ازاى مش هسمع منه كلمة حبيبتي تاني ازاي كل اللى فات هعتبره أصلا كأني معشتهوش جرحنا بعض يا على أوي ورغم كل ده لسه بحبه لسة يا علي 
دلف الى المنزل ليجد الجميع في انتظاره عاد بعد أن أنهى كل شىء بينه وبين حبه الوحيد 
الأنثى التى دق قلبه لها واخرجته من صومعة معتقداته وقاومت معه اشباح ماضيه 
ايلينا التى تمنى المۏت ألف مرة على أن تبتعد لحظة واحدة عن ناظريه حبه الكبير الذى دفع ثمنه من حياة أمه ومن حياة طفل لم يرى النور بعد ومن سمعته التى اصبحت تتراكلها الصحافة كل يوم لقد انتقمت منه بشكل لم يفعله حتى ألد اعدائه 
نهض الجميع يطالعونه بتلك النظرة التى يراها فى عيونهم منذ ۏفاة سميرة خيبة امل حزن لوم قهر حسنا لن يضر الشاه سلخها بعد ذبحها فقد ذبحته حبيبته وانتهى الامر ولن يضره ابدا ان اشترك الكل فى سلخ جلده 
رفع رأسه في صعوبة اختلجت شفتيه للحظات قبل أن يزمرهما في قوة ليسيطر على انهياره الوشيك 
انا كلمت جينا وهتيجي تستقر هنا مع ادم ابني وهعلن جوازي منها قدام الكل 
نظر الجميع الى بعضهم البعض كأن كل منهم يوكل مهمة الرد الى الاخر فتولت ايتن تلك المهمة عنهم قائلة 
انت ناوى تجيبهم هنا بعد
كل اللى حصل 
جلس على مقعد قريب كأنه لا يكترث بشىء مطلقا 
ماتنسيش ان اللى بتتكلمي عنهم دول يبقو مراتي وابني 
ردت وهي تلوى فمها في اعتراض 
مراتك وابنك انت ازاي نسبته ليك اصلا وانت عارف انه 
ضړب يد المقعد بقبضته يقاطعها هاتفا 
ابني عارف انه ابني اتأكدت بدل المرة مليون الحړام اللي كلكو عايزين تنسبوه ليه ده انا اللي عملته مش هوا غلطة هوا ليه يتحملها ليه يكبر من غير اب ليه يواجه الناس ويسألوه انت جيت الدنيا ازاي كنتو عايزيني اسيبه لجينا تربيه زي ما هيا عايزة على اي دين واي اخلاق ده اصلا لو كانت احتفظت بيه ومرمتهوش في اي ملجأ تقدرو تقولولي هوا ذنبه ايه في كل ده غلطتي وكان لازم اتحملها ومرميهاش عليه هوا كنت عارف اني هخسر كتير بس اخترت اني اواجه وما اتخلاش عنه 
نهض في بطء وأضاف وهو ينظر الى الجميع فى صرامة يحاول ان يستر بها وجعه وانكساره 
اسمعوني كلكو أنا عارف انتو عاوزين تقولو ايه عاوزين توصلو لأني السبب فى كل اللي حصل صح انا فضحتكو ووطيت راسكو و 
واشاح برأسه مضيفا بصوت بدأ يتهدج رغما عنه 
بس ده ابني وحقيقة مقدرش انكرها لازم اعلن قدام الكل اني متجوز أمه والغي الوصمة اللى اتوصم بيها من غير ذنب 
تمنى لو اشتبك معه احدهم أراد ان يلتهى بالدفاع عن نفسه معهم فلا يوجد مجال لأن يدافع عن نفسه امام نفسه التي يجلدها كل لحظة 
شعر محمود بما يعانيه ولده 
عڈاب ضميره مما حدث وعذاب فراقه لأمه وفراقه لحبيبته كان يعلم ان ولده يقاوم وأنه سيسقط حتما 
غلبت شفقة الأب غضبه فقال وهو يحاول التماسك بدوره 
ابنك يبقا ابننا يا يوسف ولازم ترجعه يتربى وسطينا 
مسح يوسف وجهه في تعب واستغرق لحظات يبحث عن أي كلمة 
كل حاجة فى الشغل هترجع لأصلها والخسارة هعوضها أوعدكو ان شاء الله 
ربت محمود على كتفه فى حنان 
كله فداك يا يوسف 
دمعت عينا ايتن في تأثر عز عليها أن ترى أخاها هكذا لم يكن يوسف لها مجرد أخ بل أنه ظل لسنوات عمرها كله أبا ثانيا لها اغدق عليها من حنانه وعطفه اكثر من ابيها نفسه جابت ذكريات طفولتها معه في رأسها وتذكرت حين كان يحملها على كتفيه وحين كانت تختبيء خلفه اذ اخطأت لتفر من عقاپ والديها 
مسحت دمعتها سريعا واقتربت تمسك بذراعه قائلة في حب 
كله فداك يا أبيه المهم تكون بخير 
نظر محمود الى زين ليقترب بدوره مربتا على ذراع اخيه قائلا 
المهم انت يا يوسف 
لم يحتمل يوسف كل هذا تمنى لو عڼفوه لينشغل بجلدهم له عن جلده لنفسه فليس هناك عڈاب فى الدنيا يوازى عڈاب النفس للنفس 
نظر لهم حوله وفرت نظراته رغما عنه الى صورة معلقة جمعتهم بأمهم لينهار ما تبقى منه ويسقط فى النهاية بين ذراعى ابيه وهو يهتف في حړقة 
انا السبب انا السبب فى مۏتها ماټت وهيا زعلانة مني ماټت بسببي 
ضمھ محمود بشدة بينما اخذت ايتن تربت على ظهره وهي تبكى بدورها فللمرة الأولى يرى أحد دموع يوسف وانهياره 
شدد محمود من ضمھ له وهو يهمس 
ده نصيب يا يوسف ادعيلها بالرحمة يا حبيبي 
يشعر بأنفاسها المضطربة 
بنظراتها الحائرة التى استقرت على الورق امامه تنتظر توقيعه 
وجهها الذابل 
حزنها الذي اختطف طفولة ملامحها 
يشعر بهذا وأكثر دون أن يحتاج ان يرفع رأسه ليتأكد منه 
او ربما يخشى تأثيره ان تأكد منه 
يعرف كم أثر بها كل مامر 
يعرف كم الحزن الذي تعانيه من فقدان أمها 
يعرف وحدتها وألمها الان فالكل غارق في عالمه 
محمود في حزنه على زوجته 
ويوسف في محاولة انقاذ ما يمكن انقاذه 
وزين الدين في صومعته المنعزلة التى عاش فيها عمره بأكمله 
انهى توقيعه على كل الاوراق فحملته من أمامه دون أن تعلق 
راقبها وهي تعطيه ظهرها وقبل ان تذهب ناداها 
ايتن 
أغمضت عينيها بقوة تقاوم طريقته القديمة في النطق باسمها 
تقاوم هلاوسها في عودة كل شىء بينهما كما كان التفتت اليه في ضعف وهي تضم الملف الى صدرها 
نعم 
نهض في بطء تمعنها رغما عنه ليتأكد من كل ما رسمه خياله 
تنهد في عمق فضيقت عينيها في انتظار سؤاله الذي طرحه في تردد 
انتي كويسة 
تصنعت ابتسامة بائسة أجابته بها وهي تهز رأسها بصوت متحشرج 
الحمد لله هبقى كويسة 
اقترب منها في بطء حتى صار في مواجهتها تماما ازدرد ريقه يقاوم ألما حادا في حلقه يمنع كلماته من الخروج دموعها الحبيسة تصيبه بالاختناق كأنها ستنفجر من مقلتيه هو 
تحررت دمعة من عينها فأشاحت بوجهها تخفيها عن نظراته 
مسح وجهه بيده يحاول ان يتماسك ويخبرها في حنان نسته أذنها منذ زمن 
لو تعبانة ومحتاجة راحة قولي بلاش تضغطي على نفسك انا عارف ان اللي حصل مكنش سهل 
اجابت دون أن تنظر اليه 
راحتي دلوقتي بقت في التعب في اني ارمي نفسي في حاجة بكرهها في حاجة تاخد كل طاقتي وتركيزي وقتها جايز ملاقيش وقت افكر في شيء تاني ولو خاېف على الشغل انا حابة اطمنك 
مد كفه في تردد الى جانب وجنتها كأنه مسير تماما لما يحدث ليجعلها تنظر اليه مجددا 
مسح بابهامها دمعتها حاولت ان تشتت نظراتها في اي اتجاه بعيد عنه 
لقد اهدرت كثيرا من كرامتها ولن تجعله يراها تبكي مطلقا 
ستكون قوية على الدوام 
ستثبت لنفسها انها تغيرت من اجلها لا من اجله 
أنا خاېف عليكي انتي مش على الشغل يا ايتن 
قالها في هدوء غريب اتسعت له حدقتاها ولم تعرف بعدها سببا واضحا لما حدث 
كيف اندفعت لتلقي برأسها على صدره وتبكي بحرارة لاتعرف 
تحركت كل ذرة فيها الى هذا الوضع دون ارادة منها 
بكت بحړقة على كل شىء 
بكت دون أن تعرف حتى سببا واضحا للبكاء 
هل تبكي أمها 
أم حبها الضائع معه 
كل ما تعرفه انها احتاجته دون أن تفكر في رفضه من عدمه 
فجر حنانه معها
 

47  48  49 

انت في الصفحة 48 من 75 صفحات