رواية كاملة رهيبة
أنا شايفك من هنا أهو.
نظرت حولها فرأته فهرولت نحوه هي ووالدها وقالت بصوت متقطع ملهوف أكرم فين!
نظر إليها بحزن شديد وقال بأسف الباشمهندش إتوفيشدوا حيلكوا .
تجلس في منزلها تتشح بالسواد وقد أعياها البكاء و أدمي قلبها الغادي و الراحل يواسيها بكلمات لم تستطع هي إستيعابها .
ها هي تشعر بالغربة للمرة الثانيه ! و خسارتها تلك المرة ليست بالهينه أبدالقد فقدت رجلا لن تنساه أبد ما حيت .
مسح والدها علي رأسها وراح يتمتم بآيات من القرآن الكريم و قلبه ينفطر لرؤية إبنته بتلك الحالة التي يرثي لها و لم تفعل هي سوي أنها إستكانت بأحضانه تحاول الهروب من الواقع المرير الذي أحاطها .
_قومي يا حبيبتي إرتاحي شوية .
نهضت صافيه و ذهبت للإطمئنان علي مدام كاريمان التي فور ما إن رأتها حتي قالت بلهفة أكرم جه!
جلست صافيه إلي جوارها و أمسكت بكفيها بين يديها وقالت حبيبتي تحبي أعمللك تاكليها
نزعت كاريمان يدها بحدة وقالت وهي تسند يدها إلي أسفل خدها بضيق لأ مش عايزة حاجةمش هاكل حاجه غير لما أكرم يرجع .
تسائلت كاريمان وقالت و الناس اللي بره دول بيعملوا إيه !أنا مش بحب الدوشة .
_دول جايبن يشوفوا غزل و ماشيين.
إطرديهم إطرديهم كلهم عشان لابسين إسود و أنا مش بحب اللون الاسود قوليلهم يلبسوا ألوان حلوة وبعدين ييجوا
زمت شفتيها بأسف و شفقه و أومأت بموافقة و همت بالخروج من الغرفه لتستوقفها كاريمان مرة أخري و تقول إستني إفتحي التليفزيون قبل ما تخرجي ..فيلم الوسادة الخاليه هيتعرض كمان شوية و عايزه ألحقه من الأول .
فعلت صافيه كما أمرتها لتقول هو إنتي الجليسه الجديده اللي أكرم إبني جابها عشان تقعد معايا !
نظرت إليها صافيه بحسرة و أومأت بصمت لتقول طيب إقعدي إتفرجي معايا علي الفيلم ده حلو أوي!
_طيب هخرج بس أشوف الأكل اللي عالنار و أجيلك تاني !
ماشي..بس متعمليش سمك عشان أكرم مبيحبش السمك .
عادت لتجلس إلي جانب شقيقها الذي سألها عن حالها بإشارة من رأسه لتردف قائلة ربنا يصبرها الست مش مصدقه إن إبنها ماټ و قالتلي أفتحلها التلفزيون !! مش مستوعبه اللي حاصل يا عيني .
تمتم إبراهيم آسفا لا حول ولا قوة إلا بالله ..ربنا يربط علي قلبها .
إنتهت مراسم العزاء والمواساة لينفض الجميع من حولهم فقال إبراهيم خليكي يا صافيه بايته مع غزل و أنا هرجع البيت و الصبح بإذن الله هرجعلكوا.
إستعد و خرج من المنزل لتستوقفه صرخات إستطاع أن يميزها بسهوله فإتخذ سبيله نحو الشقه ركضا و طرق الباب بشدة لتفتح له شقيقته وهي تنتحب بهيستيريه و تغمغم بكلمات غير مفهومه فقال بفزع غزل مالها!
لم تجيبه فدلف إلي الشقه يجر قدمه بثقل و ظل يبحث عن إبنته بأعين مذعوره حتي رآها تجثو علي قدماها أمام السرير الذي ترقد عليه كاريمان و تمسك بيدها وهي ټدفن رأسها في الفراش من أمامها و تبكي بحسرة .
بتردد دخل إلي الغرفه ليجد كاريمان مستكينه مغمضة العينين دون حراك .
_لا حول ولاقوة إلا باللهاللهم لا راد لقضائك .
تمتم بحزن وإقترب من إبنته و ساعدها في النهوض لتحتضنه پذعر وقالت ماما كاريمان ماټت يا بابا.
ربت علي ظهرها بأسف وقال ربنا يرحمها ويغفر لها يبنتي.
في أقل من أربعة و عشرون ساعه تكررت نفس مشاهد الغسل و الډفن و الچنازة ليعودوا إلي المشهد الأخير وهو العزاء.
كان الجميع يواسي غزل في مصابها الأليم و يدعون الله أن يربط علي قلبها.
أما هي فكان كل ما يحدث فوق إحتمالها لتعلن إستسلامها حيث هوت أرضا ليلتف الجميع حولها و يسارع والدها بطلب الطبيب الذي أمرهم بمساعدتها في الخروج من تلك الأزمه و المواظبه علي الغذاء والدواء ليقرر والدها إصطحابها للعودة إلي منزلهم .
كانت يسر تقف أمام المرآه تتحسس بطنها المنتفخ و تطالعه بسعادة
و فخر بينما كان سليمان يجلس علي الفراش مهموما فقالت تعرف يا سليمانأنا ببقا خاېفه الستات يحسدوني لما بيشوفوني في الشارع عشان كده مبقيتش بحب أنزل لترجع واحده عنيها مدوره زي زينب ولا غيرها كده تنشني عين تجيبني الأرض.
لم يجيبها فنظرت نحوه لتجده مازال شاردا فتقدمت منه وقالت مالك يا سليمان!سرحان في إيه!
نظر إليها منتبها وقال مفيش حاجه .
و أطلق تنهيدة حارة فجلست إلي جانبه وقالت مالك بجد!في حاجه مضايقاك!
نظر إليها مهموما وقال غزل صعبانه عليا.
لوت فمها بنزق وأضافت بلا مبالاه ميصعبش عليك غالي يا حبيبيأهي إتجوزت تلت ايام و بقت من ولاد الذوات بسمع إن جوزها ده كان عنده شئ و شويات ..
قاطعها قائلا و إيه يعني شئ و شويات!!هي الفلوس كل حاجه ولا إيه! وبعدين غزل مش من النوع ده عمرها ما تفرق معاها الفلوس كفايه فرحتها اللي إتكسرت و إترملت وهي لسه عروسه.
نطقت پغضب عاصف و كره صرف ما هي اللي قدمها شؤم كل ما تبص لراجل تبيته في القپر .
قطب حاجبيه مستغربا وقال تقصدي إيه!
نهضت واقفه بعصبيه وقالت مقصدش حاجه قبل ما تنزل سيبلي فلوس .
قال متعجبا وإنتي لحقتي صرفتي الألفين جنيه اللي خدتيهم إمبارح !
قالت ببساطة إشتريت بيهم خزين رمضان لماما و إخواتي سيبلي فلوس بقا عشان عايزة أشتري هدوم واسعه لإن كل الهدوم ضاقت عليا و متنساش تجيب خزين رمضان الليله قبل ما تيجي .
أومأ موافقا و خرج من المنزل ليلتقي بأبيه يجلس حزينا مهموما فإقترب منه و قبل يديه كعادته وقال كل سنه و إنت طيب يابايعود عليك الأيام بخير.
_و إنت طيب يبني
قالها والده بإقتضاب ليستطرد حديثه قائلا أنا خارج أجيب خزين رمضانو هجيب حاجات لعزومة بكرة مش محتاج حاجه أجيبهالك وأنا راجع!
نظر له والده مصډوما وقال عزومة بكره!إنت ناسي إن سنوية يحيي الله يرحمه بكره ! بدل ما تقول هعمل حاجه لله أهي الناس تدعيله بالرحمه !!
تجهم وجه سليمان وقال طبعا يابا هعمل كده من غير ما تقول أنا مستحيل أنسي حاجه زي كدهبس يعني إحنا متعودين نتجمع أول يوم رمضان عالفطار كل سنه ربنا ما يقطعلك عادة يا حج .
أومأ والده بهدوء وقال خلاص يا سليمانخلاص إعمل اللي يريحك .
إستيقظ بنشاط و همه لا يدرك سببهما اليوم خاصة و لكنه كان يشعر بأن القادم أفضل رغم مرور عام كامل علي فقدان ذاكرته و ضياع هويته إلا أنه كان متفائل .
ذهب إلى عمله مع مصعب و بدأوا في مباشرة عملهما ليقول مصعب الريس قاللي الشغل لحد الساعه 2 بس عشان أول يوم صيام يعني بيرأفوا بحالنا .
أومأ يحيى موافقا وقال كل سنه وإنت طيب .
_و إنت طيب يا صاحبيبلا بقا نشهل كده و ننقل الفوارغ دي عالمخزن قبل ما العربيه التانيه تيجي عشان تلاقي مكان تقف فيه .
بدأ يحيي و مصعب في نقل تلك الأغراض إلي المخزن فقال يحيي بص كده فوق الكراكيب اللي مرصوصه فوق دي كلها واخده مكان عالفاضيهات السلم و تعالي ننزل التقيل تحت و نرفع الحاجات الخفيفه دي فوق و بالمره أشوف اللي ملوش لزمه نخرجه بره.
قال مصعب متأففا يا عم دي شغلانه و عايزة وقت هو إنت مش هاين عليك نروح يوم بدري .!
_يبني خلي عندك ضمير يعني هنروح بدري نعمل إيه !
إنصاع مصعب خلف أوامره ليبدأ في إعطاءه الأغراض الموجوده بالأرض و يحيي يبادله بالأغراض الثقيله الموجوده علي سطح الأرفف فقال يحيي خد الكوريك ده حطه علي جنب أبو كامل كان بيسأل عليه .
مد مصعب يده لكي يتناول الرافعه من يحيي قبل أن يختل توازنه و يسقط أرضا لتسقط الرافعه فوق رأسه.
إلتف جميع العمال حوله و أولهم كان مصعب الذي راح ېصرخ بهيستيريه و تم نقله إلي المشفي سريعا .
قال الطبيب بعملية شديدة الحمدلله مفيش ڼزيف أو كسر في الجمجمه العنايه الإلهيه هي اللي أنقذته واحد غيره كان ماټ فيها هو لحد دلوقتي حالته مستقرة بس هنستني لما يفوق عشان نطمن علي سلامة المخ.
كان زملائه بالعمل ينتظرون إفاقته للإطمئنان علي حالته و مصعب يجلس إلي جواره بحزن شديد.
بعد مرور أربع ساعات بدأ عقل يحيي في الإفاقه و الإنتباه و لكن عيناه لا تزالان مغمضتان .
رأي في خياله ومضات لم يستطع تمييز الأشخاص الموجودين بها في البداية رأي طفلة صغيرة تحمل فانوسا يشبه ذاك الذي إشتراه تبتسم له و تبسط ذراعيها و تركض نحوه لتتسع الصورة أكثر فظهرت إلي جوارها إمرأة حسناء ليبدء جسده في التشنج برفق وقد نبهه عقله إلي أنه رآها في منامه سابقا ليشعر و كأنه في مجموعة أحلام مترابطه و قد بدأت الأشخاص تزداد من حوله ليري رجلا أربعينيا يبتسم له و آخر كهلا يتحدث إليه و صبيا صغيرا يركل الكره إليه و
من بعدها رأي صورة سوداء و بدأ عقله يتشوش حتي بدأ يفرق بين جفنيه بوهن و ألم وقد أمسك برأسه يضغط علي عقله بشدة من فرط الألم الذي يشعر به .
هاجمته الرؤية الضبابية و لم يستطع تمييز أيا مما يقفون حوله حتي إستعاد وعيه بالكامل فنظر أمامه ليجد مصعب واقفا بلهفه ويقول محمد إنت سامعني
نظر إليه يحيي بتمعن وقال مصعب..هو إيه اللي حصل
إبتسم مصعب بفرحه وقال حمدلله على سلامتك خضتنا كلنا عليك .
بدأ يحيي يعتدل بمقعده حتي إستند إلي ظهر السرير من خلفه فأسرع مصعب ينادي الطبيب الذي أتي علي الفور للإطمئنان علي حالته.
_حمدلله علي السلامه يا بطل .
قالها الطبيب مبتسما فأومأ يحيي بهدوء وقال الله يسلم حضرتك هو إيه اللي حصل!
قال الطبيب بترقب إحكيلنا إنت إيه اللي حصل
صمت يحيي لبرهة وقال أنا آخر حاجه فاكرها لما كنت في المخزن و بنزل الكوريك ...
قاطعه مصعب قائلا أيوة مظبوط و وقعت من علي السلم و الكوريك وقع فوقك .
نظر إليهم يحيي مذهولا وقال