رواية كاملة رهيبة
لله.. هرجع الساعه 7 بإذن الله.
_بإذن الله تيجي بالسلامه و خلي بالك من نفسك أول ما أبوهم يرجع تنزلي فورا.
أومأت بإبتسامه وقالت حاضر والله متقلقش.
_ربنا معاكي.
ياارب يا حبيبي هقفل دلوقتي بقا عشان بعمل الأكل يلا باي.
أنهت المكالمة و شرعت في إعداد الطعام بهمة لتنجزه سريعا و قامت بإطعام الصغار و الذين تناولوا طعامهم بشهية مفتوحه مما أسعدها كثيرا و من بعدها بدأت في اللعب معهم قبل أن تشير عقارب الساعة إلي السادسة مساء ليرتجف قلبها بشدة منتظرا بلهفه عودة ساكنه.
نظر إليها مبتسما وقال الله يسلمك ياارب....
نظر يحيي إليه مبتسما ثم إلي غزل التي كانت تتفحص ملامحه
بإشتياق لينهض قائما و يقترب منها مبتسما بلطف و أردف قائلا شكرا يا غزل ليه تعبتي نفسك.
إرتبكت غزل من قربه الأول منها و حاولت تجنب النظر إليه ولكن كل محاولاتها قد باءت بالفشل فإبتسمت و نظرت أرضا بتوتر ثم قالت لا مفيش أي تعب تعبك راحه.
إبتسمت قبل أن تومأ برأسها بتأييد ليتسائل قائلا لسه بردو منشفه راسك و مش عاوزه تتجوزي!
تجهم وجهها فجأة وقالت لا منا إتجوزت!
إتسعت عينيه بدهشه فنظر إليها بضع ثواني قبل أن يتمتم بذهول إتجوزتي بتهزري!
هزت رأسها بنفي و قالت لأ مش بهزر إتجوزت بس...
نظرت إلي الساعه من خلفها وقالت بتوتر لا معلش خليها مرة تانيه لإن بابا مستنيني من بدري و مش عايزة أزعله مني من أول يوم.
قال مبتسما صح عمي إبراهيم أخباره إيه!و صافيه!
نطق بالأخيره بتأثر لتومأ هي بإبتسامه وتقول الحمد لله كويسين علي ما تغير هدومك هكون حضرت لك العشا بسرعه وبعدها همشي.
أومأت بموافقه وقالت طيب إتفضل إدخل غير هدومك و أنا هجهز و أنزل.
بمجرد ما إن إنصرف إلي غرفته قامت هي بتحضير طعام العشاء له و وضعته علي الطاوله ليخرج من غرفته وقد إشتم رائحة الطعام ليقول إيه ده إنتي اللي عملتي الأكل ده
أومأت بإبتسامه وقالت أيوة بألف هنا.
نظر إليها يحيي بتركيز ثم قال يا ريت بعد إذنك متتكررش تاني يا غزل.
بالرغم من صحة كلامه إلا أنها شعرت بالضيق بشدة و إعترتها رغبة شديدة في البكاء و لكنها تماسكت وقالت بنبرة صوت مهزوزة أنا متعبتش خالص لإني معملتش حاجه و كمان زياد كان بيساعدني و بيرتب معايا و بالنسبه للأكل ده في حدود شغلي بردو لإن الطبيعي إني بقعد معاهم فترة مش قصيرة و من واجبي أعمل لهم أكل و أخد بالي منهم في كل حاجه لحد ما إنت ترجع..ده إختصاص أي حليسة أطفال يعني أنا معملتش حاجه مخصوص أو زيادة و اللي عملت لهم ياكلوا منه إنت كمان أكلت منه يعني انا معملتش حاجه مخصوص عشانك.
ثم قالت بهدوء بس دي كل الحكاية.
إبتسم بتقدير و أضاف مبتسما منتحرمش منك يا غزل تحبي أوصلك
رسمت إبتسامه مقتضبه علي شفاها وقالت لا ميرسي أنا طالبه أوبر..يلا عن إذنك.
و ودعتهم ثم إنصرفت مغادرة البيت بينما جلس هو ليتناول طعامه بنهم شاردا بالأيام التي دائما ما كانت تقضيها غزل في بيت العائلة برفقتهم جميعا قبل أن يتبدل الحال و يفترق كلا منهم لطريق مختلف.
كان علي يجلس حزينا شاردا لا يفعل شيئا سوي أنه يرجو من الله أن يطمئن قلبه علي أولاده و يقر عينه بعودتهما إليه.
دخل عبدالقادر إلي غرفة والده ليجده ممدد في فراشه بحزن شديد فقال إزيك يابا!
دون أن ينظر إليه أجابه أنا كويس يا قدوره إخواتك اللي مش كويسين أنا قلبي حاسس بيهم و مش مطمن!
زفر عبدالقادر بتعب وهو يجلس إلي جوار أبيه وقال سليمان مش عارف أوصل له عملت البدع سألت في كل الأماكن اللي كان متعود يقعد فيها اصحابه اللي كان بيسهر معاهم المصانع اللي كان بيستلم منها بضاعه مسيبتش حته إلا و سألت فيها حتي المستشفيات الاقسام فص ملح و داب!
أسند الأب رأسه إلي السرير من خلفه بحزن وقال يااارب إنت قادر على كل شيء.
نظر إليه إبنه بشفقة من حالته المتدهورة وقال بس يحيي بخير الحمد لله.. تحب تشوفه يابا
نظر إليه والده بلهفه وقال و حد يكره يملي عينه بشوفة ضناه! وصلني بيه أوام..إنت تعرف طريقه.
_أنا آخر مرة كلمني عشان موضوع الفلوس عرفت إنه بيتكلم من تليفون في الشارع واحد معرفه جابلي عنوان الكشك اللي فيه التليفون هروح هناك و أسأل و بإذن الله واثق إني هوصل له و لو ربنا وفق و وصلتله هقولله إن صحتك تعبانه و طالب تشوفه وهو مش هيتأخر أنا متأكد.
المهم يرضي ييجي.
قالها الأب بيأس ليطمئنه عبدالقادر قائلا لا أنا واثق إن يحيي لسه من جواه يحيي بتاع زمان المعدن الأصيل ميتغشش أبدأ يابا مهما شاف ولا جار عليه الزمن و يحيي معدنه أصيل و لسه بيحبك زياده عن أي واحد
فينا.
قال الأخيرة مبتسما ثم عاد ليقول مش ده كلامك يابا! طول عمرك تقول يحيي بيحبني أكتر واحد فيكوا إنتوا ولاد زاهيه.
هز الأب رأسه بحزن شديد و غمغم قائلا الله يرحمها.
_الله يرحمها و يرحم أموات المسلمين أجمعين.. أنا هخرج بقا أشوف المشوار ده و دعواتك ربنا ييسر.
_يااارب يبني ربنا معاك.
خرج عبدالقادر ليستقل سيارته و ينطلق بها نحو رحلته القصيره في البحث عن يحيي راجيا من الله أن تكلل بالنجاح تلك المرة.
وصل إلي المكان الموجود به ذلك الدكان الخشبي الصغير و توقف أمامه بسيارته ثم نزل ليتقدم من صاحبه وقال ببشاشةالسلام عليكم يا زوق لو سمحت والله كنت عايز أعرف لو تعرف سكان المنطقة هنا كنت عايزك تدلني على واحد اسمه يحيي الهنداوي.
تمتم الرجل بتفكير وقال الصراحه مش واخد بالي..بس ممكن بمرة تيجي لعم سلامه اللي واقف أمن الكومباوند اللي جمبنا هو اللي يعرف سكان المنطقة هنا نفر نفر و هيساعدك إن شاءالله.
لينصرف عبدالقادر محملا بالخيبه عائدا نحو بيته.
________________
في صباح يوم جديد كانت تجلس بغرفتها تتمدد بفراشها بأريحيه وهي تحاول الوصول إلي يحيي و أطفالها كذلك.
مرت الأيام و الأسابيع و هي لا تعلم شيئا عن صغارها فكإنما قد إنشقت الأرض و إبتلعتهما برفقة والدهما الذي يخفيهما عنها و لا تعلم للوصول إليهم سبيل بعد أن صبرت و نفذ صبرها لم تجد بد من الإتصال بصديقتها إيمان والتي تنقذها دائما في مثل تلك العثرات.
تنحنحت بتحفظ وقالت ألو..أيوة يا مون عامله إيه!
_حبيبتي يا سوسو أنا كنت لسه هكلمك.
القلوب عند بعضها أخبارك إيه
_أنا كويسه الحمدلله إنتي عامله إيه طمنيني
تنهدت يسر بضيق وقالت الأخبار زي الزفت ويبقي الوضع علي ما هو عليه.. الأستاذ يحيي مختفي بالولاد و مش عارفه أوصله.
ضحكت صديقتها بقوة وقالت ما هو إنتي لو تشغلي دماغك كنتي هترتاحي بس إنتي مقفله مخك و عايزة يحيي يجي لحد عندك و إنتي قاعدة معززة مكرمه.
تمتمت يسر بحنق وقالت ما تخلصي بقا يا إيمان من غير لت و عجن كتير أعمل إيه يعني
_بصي يا ستي أنا هجيبلك عنوان الشركه بتاعة قاسم عبدالرحمن و إنتي و حظك بقا.. تروحي و تسألي عليه هناك و لو لقيتيه خير ملقيتيهوش تاخدي منهم عنوان البيت أو الشركه بتاعته!
قالت يسر بتعجب الشركه بتاعته!!
اومال انتي فاكرة إيه..الشركه بقت شركات يا ماما يحيي و قاسم عبدالرحمن عاملين بيزنس عالي جدا و كل واحد ماسك منصب رئيس مجلس إدارة في شركه لوحده يعني لو عرفتي تشنكلي يحيي الهنداوي دلوقتي تبقا بيضالك في القفص يا جميل.
إبتسمت يسر بغرور وأضافت و بريق الخبث يلتمع بعيناها يحيي ده أنا مشكلاه علي إيديا من سنين يا ماما بعرف إزاي أوديه و إزاي أجيبه هو يحن بس و الباقي كله سهل.
سيدي يا سيدي طيب يا ستي ربنا معاكي و نشرب الشربات قريب.
_هتشربي متقلقيش عالعموم شكرا يا مون هستني منك رساله بالعنوان و لو حصل جديد هقوللك.
علي الفور أنهت المكالمه فأرسلت لها صديقتها عنوان الشركه فقامت بالإتصال بأحدهم قائلة أيوة يا زكريا..عايزاك معايا في مشوار ضروري دلوقتي و ليك عندي حلاوة كبيره أوي.
وافقها الشاب دون جدال لتهم مسرعه و تبدل ملابسها بأحسن الثياب عندها و تعتزم طريقها نحو الشركه.
كان يحيي يجلس منهمكا بين أوراقه يتابعها بتركيز لتدلف سكرتيرته الخاصه إلي المكتب بعد أذن لها بالدخول فقالت باشمهندس يحيي في واحده بره عايزة تدخل لحضرتك.
دون أن يرفع ناظريه أجابها متسائلا واحدة مين
_بتقول مدام حضرتك!
إنتبه لها مسرعا وقال بلهفه فشل في إخفائها دخليها بسرعة.
أومأت بموافقه و إنصرفت ليستوقفها قائلا ولا أقوللك..متدخليهاش غير لما أقوللك.
أومأت مجددا وقالتتحت امرك.
خرجت من الغرفه و أبلغتها بأن تنتظر قليلا لتجلس بتوتر وهي تهز قدميها بقلق و خوف وقالت إنتي قولتيله إن مراته اللي عايزاه.
أومأت الأخري بتأكيد وقالت أيوة حضرتك بلغته و قاللي تنتظري لما أبلغك تدخلي.
إنقبض قلبها وقد تيقنت بأن القادم لن يكون يسيرا عليها بينما كان يجلس هو بالداخل وقد إعتدل بمجلسه بأريحيه و أخرج الفاخر ثم قبس الزر الموجود أمامه علي المكتب قائلا بإقتضاب دخليها!
إرتفعت دقات قلبه بشده كطبول حرب قد قرعت معلنة عن ساعة النزال ليأخذ شهيقا عميقا ملأ به رأتيه و زفره ببطء محاولا تهدأة إنفعالاته المتزايده قبل أن يستمع إلي طرقات علي باب المكتب فأذن بالدخول لينفرج الباب و تدلف هي محاولة تصنع القوة