رواية كاملة رهيبة
لإني هلكت.
لم تجادله كثيرا فأومأت بموافقة وقالت طيب أعمل لك تاكل
هز رأسه أن لا و قال لا مليش نفس يلا تصبحي علي خير.
إنصرفت غزل و دلفت إلي غرفة نور و زياد ثم قامت بإحكام غلق الباب من الداخل كما أمرها يحيي و تدثرت بغطائها إلي جانب نور و بقت شارده طوال ليلتها تفكر فيما جرت إليه الأمور.
كان يحيي يجلس بالخارج علي الأريكة ممسكا بملابس نومه في يده شاردا فيما قاله سليمان وهو يسترجعه بعقل شارد و قلب ېنزف دما.
بقت تلك الكلمات تتردد علي عقله مرارا و تكرارا لتنهال دمعاته فوق خديه وهو يشعر بمزيج من المشاعر السيئه التي بإمكانها أن تجعله ينهي حياته علي الفور و لكنه أغمض عينه پألم وهو يحاول الخلود إلي النوم كي يتوقف عقله عن التفكير في حديث سليمان لتقفز إلي مسامعه كلمات سليمان حيث قال إنت أناني عايز يبقى معاك كل حاجهست جميله و عيال و فلوس
في الصباح أفاق سليمان من نومه وهو يمسك برأسه بين يديه بتعب شديد ثم راح يتطلع نحو المكان المحيط به متعجبا قبل أن يستعيد ما حدث ليلة أمس عندما قابل يحيي ليتذكر ما تفوه به ثملا فأغمض عيناه بقوة نادما علي ما صدر منه ثم نهض من الفراش الوثير من أسفله و قام بكتابة مكتوب خاص إلي يحيي ثم وضعه علي الفراش و أخذ حذائه و سترته ثم خرج من الغرفه بهدوء وهو يمشي على أطراف أصابعه قبل أن يتوقف أمام يحيي الذي كان نائما علي الأريكه ليقف أمامه مطولا ثم فتح باب الشقة مغادرا وهو ينوي الفرار إلي الأبد .
يحيي..أنا عارف إن أي كلام هقوله دلوقتي ملوش لزمه و عارف كمان إن مهما قلت لا يمكن هتسامحني أنا بس عايزك متزعلش من أبوك لإنه ملوش دخل في اللي حصل وكان رافض الموضوع من الأول خالص بس أنا اللي ضغطت عليه بالعيال عشان يوافق قدورة كمان
ملوش ذنب تقاطعه بسببي إنت عارف إنه طول عمره مبيحبش يزعل حد وإذا كان وافق فوافق عشان أنا طلبت منه ده يمكن بعد كلامي ده هتكرهني بزياده بس أنا حبيت أكتب لك اللي في قلبي أنا ندمان صدقني ندمان إني جنيت على حقك و ظلمتك و قلبتلك حياتك عشان كده أنا همشي من اسكندريه خاالص و هروح اي مكان تاني لا حد فيه يعرفني ولا اعرف حد اخر طلب هطلبه منك انك تطمن ابوك اني عايش و كويس و بلغهم كمان محدش يحاول يدور عليا أنا كده هبقا مرتاح و إنتوا كمان مرتاحين.. سامحني يا أخويا
أومأ بلطف محاولا إخفاء ضيقه ثم قال صباح النور يا غزل إيه اللي مصحيكي بدري كده
إبتسم ثم نظر إليها مطولا ليردف قائلا أنا آسف يا غزل إمبارح مزاجي كان زفت و مقعدتش معاكي ولا اتكلمنا خالص إعذريني.
كلماته البسيطه تلك جعلتها تتيقن أنها لم تتعجل في قرارها ولم تخطئ حينما وافقت على الإرتباط به.
برز صوتها الهادئ قائلة متتأسفش عن أي حاجة يا يحيى أنا فاهمه و مقدره كل حاجه.. بس إزاي قابلته و فين!
كانت غزل تحملق به بدهشه و ذهول بينما إستطرد هو قائلا من غير ما أفكر لقيتني جايبه علي هنا مع إني مكنتش عايز ولا حابب أشوفه ولا أتكلم معاه بعد اللي قاله.
تسائلت علي إستحياء قاللك إيه!
نظر إليها و كإنما ينظر إلي الفراغ من حوله ثم قال قال كل حاجة يا غزل كل اللي كان في قلبه ظهر فجأه سليمان من زمان وهو بيبص للي حواليه و مش راضي باللي بين إيديهكان مستكتر عليا إني متجوز و مخلف و معايا فلوس مع إن ده رزقي الي ربنا قسمهولي مش عارف ان هو كمان رزقه بيوصله ٢٤ قيراط زيه زيي بيعلق كله علي شماعة إنه إتحرم من الخلفه.
توقف عن الحديث قليلا ليتنهد بتعب ثم قال للأسف أنا إمبارح بس عرفت إنه كان طمعان فيها لإنه كان عايزها هي مش قصة إنه يخلف ولا الكلام الفاضي ده بدليل إنه لو كان بيدور علي خلف و فارق معاه أوي كده كان إتجوز من عشرين سنه من اول ما عرف ان مراته مبتخلفش.. بس نفسه المريضه و عينه الفارغه خلوه يبص لمرات أخوه وهي لسه علي ذمته و ما صدق انهم قالوا ماټ فرصه و جاتله علي طبق من دهب قاللك أخيرا هطولها وفي نفس الوقت أهي تجيبله العيل اللي بيستعطف الكل دلوقتي بسببه.
نظرت إليه غزل بحزن وقالت بترقب لسه بتفكر فيها يا يحيي
نظر إليها يحيي بشرود ثم قال مش عارف يا غزل ڠصب عني بفكر اللي حصل ده كله كشفلي كل اللي حواليا و خلاني أشوف حقايق كتيرة كنت مغمي عنيا عنها.
لم ترغب في الإسهاب في ذلك الحديث الذي لن يجدي نفعا لتقول مديرة دفة الحوار خلاص إنسي كل اللي حصل و ركز في حياتك الجديدة أهم.
أومأ موافقا وقال معاكي حق أنا لازم ألتفت لحياتي و أشوف مستقبلي و مستقبل ولادي أهم من أي حاجة تانيه.
أومأت بإبتسامه لتجده ينظر إليها بثبات وقال أنا متشكر جدا يا غزل.. بتقفي جمبي وإنتي مش مجبره أبدا....
قاطعته قائلة مفيش حاجه تستاهل الشكر يا يحيى أنا أسعد إنسانه في الدنيا إني وسطكوا..و ده يكفيني.
ربت علي ذراعها بإمتنان بينما توترت هي قليلا فنظرت إليه وقالت هاا.. تحب تفطر إيه
_لو هتفطري معايا هفطر مش هتفطري هبقا أفطر في الشركه.
إتسعت إبتسامتها وقالت أيوة هفطر معاك.
أومأ مبتسما وقال تمام يبقا اعملي اللي تحبيه بقا وأنا هصحي زياد و نور ونفطر كلنا.
وقفت تعد لهم طعام الإفطار بحب و قلب نابض بالفرح ليتناولوا بعدها طعامهم سويا ثم ينصرف مغادرا لعمله.
بمجرد ما إن دلف إلي مكتب قاسم ليجده يقف متأهبا وهو يستدير ليجلس علي المقعد المقابل له ثم قال بلهفه إتأخرت كده ليه يبني أنا
مستنيك من بدري.
ألقي يحيي بجسده بإنهاك إلي المقعد من خلفه وإلتزم الصمت ليتسائل قاسم قائلا هاا عملت إيه مع أخوك
تنهد يحيى بثقل ثم أردف قائلا ولا حاجه..متكلمناش في حاجه..هو قام من النوم مشي وأنا كنت نايم.
زم الآخر شفتيه بأسف ليقول روق يا يحيي كل حاجه هتتحل إن شاءالله.
_خلاص يا قاسم مبقيتش فارقه..أنا بالنسبه ليا كل حاجه منتهيه من وقتها.
أومأ بهدوء وقال يحيي أنا عايزك تساعدني.
نظر إليه يحيي متفحصا ثم قال في إيه عالصبح!
_أنا عايز أتجوز عمة مراتك.
نطق بها قاسم مباغتا يحيى الذي نظر إليه متعجبا ثم قال تتجوز عمة مراتي! إشمعنا
زفر قاسم بنفاذ صبر وقال أنا من يوم ما شوفتها وأنا مش علي بعضي..حاسس إني رجعت مراهق تاني و عايز أروح عند بيتها و أقف تحت شباك أوضتها و أغني...
إرتفعت ضحكات يحيي بصخب ونظر إليه بعدم تصديق وقال معقوله! ده إنت حالك يصعب على الكافر يا أخي.
نظر إليه قاسم حانقا وقال إنت بتتريق! علي فكرة أنا بتكلم جد!
_طيب إهدي بس.. عالعموم أنا مش هتدخل في أي حاجة تخص صافيه تاني كفايه أوي اللي جرالها من ورانا.
ليه بس يا يحيي مانتا عارف إني مش زي أخوك.. و بعدين أنا بفكر في الموضوع بجدية صدقني.
نظر إليه يحيي مرتابا ثم قال قاااسم..أنا مش عايز أتسبب لها في ۏجع هي في غني عنه كفايه عليها اللي شافته من سليمان.
_متقلقش والله.. أنا كل اللي طالبه منك بس تمهدلي الطريق.. يعني تساعدني أقعد معاها و نتكلم..بس.
حك يحيي ذقنه بتفكير قليلا ثم قال خلاص سيبني أفكر الأول وبعدين هرد عليك.
أومأ الآخر موافقا لينهض يحيي عن مقعده قائلا أنا همشي دلوقتي لإن ورايا شغل كتير هبقي أكلمك.
غادر يحيى منصرفا إلي مقر شركته الخاصة و دلف إلي غرفة مكتبه و شرع في متابعه عمله محاولا فض النزاعات الموجودة بداخل عقله و لكن باءت جميع محاولاته بالفشل.
حاول كثيرا أن يصب كل تركيزه بالأوراق الموجوده أمامه ولكن كلمات شقيقه حالت دون ذلك.
أنا عايزك متزعلش من أبوك لإن ملوش دخل في اللي حصل
ظلت تلك الكلمات تتردد في عقله بإلحاح ليتنهد بتعب ملقيا بالقلم الموجود بين إصبعيه إلي سطح المكتب بإهمال ووضع رأسه بين كفيه يحاول لملمة شتاته و لكنه نهض واقفا فجأه وإلتقط سترته ثم غادر المكتب مستقلا سيارته في طريقه نحو منزل والده.
توقف أمام المنزل ينظر نحوه بضيق و حزن لتقفز إلي مخيلته سريعا كل الذكريات القديمه التي عاشها في ذلك المنزل برفقة والديه و إخوته و...برفقتها أيضا.
ترجل من السياره و دخل إلي البيت بقدمين مرتجفتين ثم توقف أمام شقة والده و طرق الباب بهدوء ينافي ما يحدث بداخله الآن.
إنفرج الباب ليظهر والده من خلفه...
نظر يحيي إلي أبيه بإشتياق كبير..لقد نالت منه الأيام حقا كما أخبره شقيقه و ظهر عليه تقدم العمر جليا كما أنه خسر الكثير من وزنه أيضا و بدا عليه الإعياء واضحا.
نظر علي إلي إبنه الذي يقف أمامه وكأنه يراه لأول مرة لقد تغير شكله كثيرا و أضحي رجلا حزينا مهموما.
_يحيي!!
تمتم بها الأب وهو ينظر إليه بدهشه و عدم تصديق ليحتضنه يحيي علي الفور و قد قرر التخلي عن جموده و عن كل ما