السبت 23 نوفمبر 2024

رواية كاملة رهيبة

انت في الصفحة 5 من 53 صفحات

موقع أيام نيوز

القرشين اللي بتديهوملي كل مرة كان زمان إخواتك ماتوا من الجوع.
قالت يسر بضيق و إنتي بتصرفي عليه من الفلوس دي يا ماما! أنا مش بقولك الفلوس دي لعلاجك و عشان
لو إخواتي إحتاجوا حاجه!
_هعمل إيه يا يسر! أهي أيام و بتعدي زي ما تعدي.
أومأت يسر وفتحت حقيبتها لتخرج الكثير من المال و تعطيه لوالدتها التي جحظت عيناها بتعجب وقالت إيه كل الفلوس دي يا يسر! دول زيادة عن كل مره جبتي الفلوس دي كلها منين!
جبتها من مطرح ما جبتها يا ماما تشغليش بالك أهم حاجه تجيبي علاجك و تدفعي الدروس لإخواتي و متصرفيش منهم مليم علي البأف اللي إنتي متجوزاه.. فاهمه!
أومأت والدتها بموافقه وقالت إن شاءلله يا حبيبتي إنتي ماشيه دلوقتي ولا إيه!
أيوة يدوب ألحق أروح قبل ما نور تكتشف غيابي و ټعيط و هبقا أجيلك قريب أتطمن عليكي.
صافحت والدتها مودعه اياها قبل أن تخرج لتصطدم بزوج والدتها علي الباب ليبتسم بنظرات خبيثه ويقول أهلا بالجميل وأنا أقول البيت منور بزياده كده ليه! أتاري الكروان حط علي عشنا يا بختنا يا بختنا.
قال الأخيرة وهو يراقص حاجبيه بمشاكسه لتطالعه هي بتأفف وتقول بتهكم كروان وإنت موجود يا جوز
همت بالخروج ليعترض طريقها قائلا علي فين يا سوسو!
قالت بنبرة حادة ماشيه يا جوز أمي وسع بقا.
أفسح لها الطريق لتنصرف مغادرة قبل أن يهرول هو بإتجاه زوجته ويقول هااتي!
_أجيب إيه!
هتجيبي إيه يعني! إيش تاخد الريح م البلاط يا حسرة إيدك عالفكه يا وليه المعلوووم.
لتخرج هي المال الذي أعطته لها يسر و تعطيه له لينظر لها بذهول ويقول أيوووووه هي ناهبه نهيبه المرة دي ولا إيه!
إمتدت يدها لتأخذ النقود من بين يده قبل أن يسرع هو و يقوم بتخبأتهم لتقول دي فلوس العلاج و دروس العيال.
_إيدك لأقطعهالك بلا علاج بلا عيال وبعدين يومين و قوليلها خلصوا هي يعني هتحتار تجيب منين! ما كله من خير علي الهنداوي و ولاده.
كان سليمان يجلس بمتجره الخاص بالأقمشه شاردا بتلك التي خطفت أنظار الجميع حتي أنهم يتقدمون إليه 
_أيوة يا حج سليمان أنا زايد أبو كبير.
أهلا يا حج زايد إزي صحتك!
_بومب والحمد لله وكنت بكلمك تشوفلي عروسه نحيتك.
قضم سليمان شفتيه پغضب مخللا خصلات شعره الأسود بضيق ثم قال أااه طب وأنا عندي عرايس منين يا حج زايد منتا عارف.
حمحم زايد بقوة وقال إزاي بقا و أرملة المرحوم يحيي راحت فين!
إستشاط ڠضبا و عبس وجهه ليزمجر قائلا أرملة أخويا مش ناويه تتجوز يا حج زايد وبعدين حتي لو إتجوزت مش هتتجوز راجل قد أبوها لامؤاخذه و عن إذنك دلوقتي عشان جايلي شغل.
أنهي المكالمه ليلقي بالهاتف أرضا بتشنج و عصبيه بالغه قبل أن تلتقطها عيناه تمر من أمام المتجر ليستوقفها مناديا بإسمها فقال يا أم زيااد لحظه بس.
أقبلت عليه تتهادي خطواتها بخفه و غنج غير مصطنع لتتوقف أمامه وهي تبتسم بعذوبه فقالت نعم يا عمو
لم يعرف ماذا يقول ليتنحنح بقوة وقال أهلك عاملين إيه
أخفضت وجهها أرضا وقالت الحمدلله علي كل حال.
قال بتساؤل إيه مالك حد منهم تعبان ولا حاجه كفالله الشړ
تنهدت بضيق وأردفت قائلة والله يا عمو حالهم يصعب علي الكافر ماما تعبانه و كل الفلوس اللي بديهالها بتصرفها علي العلاج و إخواتي طلباتهم كتير و أبوهم جبله مبيحسش ولا بيهون عليه يشتغل و يأكلهم.
زم شفتيه بأسف وقال لا حول ولاقوة الابالله.. خلاص متشيليش هم من هنا ورايح علاج أمك و مصاريف إخواتك كامله مكمله مسئوليتي أنا طول مانا عايش إن شاء الله.
تهلل وجهها مستبشرة لتمنحه إبتسامه مشرقة فعلت به الأفاعيل ثم أردفت ربنا يخليك لينا يا عمو و ميحرمناش منك
إنصرفت بسرعه بينما تركته هو غارق في شروده و التفكير يعصف به.
مرت الأيام عليها وكأنها دهورا لا تعد ولا تحصي أهلكت قلبها و أودت بحياتها مرات و مرات و لكنها لم تنجح في القضاء عليها.
لطالما تمنت المۏت علها تكون بجواره ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه!
كانت تجلس بغرفتها كعادتها في الآونه الأخيرة منعزله دائما منطوية عن الجميع قبل أن تستمع إلي طرقات علي باب غرفتها لتقول إتفضل يا بابا.
إنفرج الباب ليظهر والدها من خلفه مبتسما ببشاشة فإتتدلت هي بجلستها ليجلس إلي جوارها ويقول وبعدين معاكي يا غزل هانم هتفضلي لوحدك كده كتير!
إبتسمت غزل بوهن وقالت مش لوحدي يا بابا أنا بس كنت نايمه شويه منا قاعدة زهقانه طول اليوم مش لاقيه حاجه اعملها.
قال باسما طب واللي يقعدك زهقانه كده إيه!
قالت بتهكم يعني مش عارف يا سي بابا! حضرتك مقعدني جمبك زي ما أكون آخر واحده من نوعي و خاېف عليا من الإنقراض.
إرتفعت ضحكاته مردفا لأ خلاص يستي مش هقعدك جمبي تاني.
تهللت أساريرها فقالت يعني إيه! الحصار إتفك!
_حصار إيه يا بت الكلب
إنتي هو أنا حابسك ولا إيه!
إحتضنته قائلة لا متقولش كده يا برهوميإنت جميل إنت.
مسح علي شعرها بحنان وقال طيب يستي من بكره تنزلي تقدمي في المركز اللي فاتح جمبنا بتاع جليسات الأطفال ده مش ده حلم عمرك!
طالعته بدهشه وقالت وحياة أبوك يا بابا بتتكلم جد!
قهقه عاليا وقال آه ورحمة أبويا بتكلم جد.
نظرت إليه وقالت إيه ده! المركز اللي جمبنا ده اللي علي أول القمه!
اومأ موافقا فلوت شفتها بنزق وقالت يعني يوم ما ربنا يكرمني و أشتغل و أخرج للدنيا أشتغل جمب البيت!!
_خلاص بلاها خالص لا جمب البيت ولا جمب الغيط...
قاطعته قائلة لااا يا حجوج متبقاش قفوش كده ومالو جمب البيت إنشالله يبقي فوق السطوح حتي أهم حاجه أشتغل.
طيب يا لمضه يلا نامي بقا عشان تصحي بدري و تنزلي تقدمي ورقك.
علي الفور تدثرت بغطاءها وهي تمني نفسها بما سيحدث غدا لتخلد سريعا إلي نوم عميق.
رأته يدنو منها مبتسما و لكن هيئته بدت مخيفة بالنسبة لها وجهه يكسوه السواد عيناه جاحظتان وكأنهما جفتا من الدموع يداه مكبلتان بالأغلال و قدماه أيضا فكان يسير يجر قدماه جرا كمن يسير الهوينا حتي توقف أمامها وقد سالت العبرات من عينيه ليتمتم بكلمات لم تصل إلي مسامعها فصاحت تخبره أنها لم تسمع ما قاله ليعاود حديثه مرة أخري و لكنها كذلك لم تتمكن من سماعه لتصرخ پغضب و ضيق في آن واحد قبل أن يستدير هو موليا ظهره لها ثم إنصرف.
فزعت يسر من نومها وهي تىهث كأنها كانت تركض أثناء نومها لتجد جسدها يتصبب عرقا و راحت تتذكر ذلك الکابوس لتشعر بأنه وقد جف حلقها فإنحنت علي جانب الفراش تلتقط كوبا من الماء لتقع عيناها علي 
الفصل الرابع
مرت الأشهر المنصرمه عليه وكإنها أعواما لا تعد ولا تحصي ف كم تمني بكل يوم يمضي أن تعود إليه ذاكرته و يكتشف هويته و لكن أحلامه تضيع هباء منثورا كان يأمل في كل مساء أنه سيفيق غدا وقد تذكر من هو و ماذا أودي بحياته حتي أصبحت هكذا ليفاجأ بأنه لازال يحمل تلك الذاكرة الفارغه و يعود إليه الإحباط و خيبة الأمل من جديد.
نهض عن فراشه عندما إستمع إلي آذان الفجر ليتوضأ و يصلي الفجر ثم جلس يقرأ بالمصحف الذي لا يعلم هل هو خلصته أم أن أحدهما قد أعطاه له ثم إنتبه علي حركة مصعب وهو يستعد للخروج إلي عمله فهرول ناحيته وقال مصعب إنت نازل الشغل مش كده!
أومأ مصعب قائلا أيوة يا محمد عايز حاجه!
_عايز آجي معاك!
نظر إليه مصعب بتعجب وقال تيجي معايا فين!
_هاجي معاك دريم بارك.
قالها يحيي ساخرا ثم أردف بجدية هيكون فين يعني يا مصعب هاجي معاك الشغل أنا زهقت من القعده و عايز أشتغل.
قال مصعب شارحا أيوة بس إحنا شغلنا صعب و كله لم خرده و قرف و إنت إيديك ناعمه شكلك إبن ذوات يعني ومش وش بهدله.
قال يحيي مستنكرا ملكش دعوة وش بهدله ولا لأ أنا مصمم أشتغل معاك في الخردة هو إنت أرجل مني ولا إيه
إبتسم مصعب قائلا لا يا عم راجل و زين الرجال طيب خد إلبس دول وأنا هستناك بره علي ما تجهز.
قالها وهو يلقي له بثياب قديمه مهترئه إرتداها يحيي بدون تفكير ثم خرج برفقته إلي العمل و الذي لم يكن هينا أبدا ليقول مصعب وهو ينظر له قولتلك إنت مش وش بهدله مسمعتش كلامي أديك هنجت و نفسك إتقطع من أول يوم أهو.
نظر إليه يحيي وهو يزيل بيده حبات العرق المتناثرة فوق جبينه ثم قال لأ متخافش عليا ده عشان أول يوم بس.. قوللي بقا بعد ما نخلص لم الخرده دي هنعمل إيه!
أجاب مصعب قائلا هنحملها مع السواقين في العربيات و هنروح عالمخازن و نفرزها هناك و كل حاجه وليها مكانها بقا.
_زي الزباله يعني!
قالها يحيي ليومأ مصعب موافقا ويقول بالظبط كده بس الفرق بين جمع الخرده و الزباله إنها أنضف شويه و فلوسها أكتر كمان.
أومأ موافقا وقال طيب يلا نخلص عشان الوقت ميسرقناش بلاش المعلم ياخد مني موقف من أول يوم.
ثم عادا كلا منهما يباشر عمله بصمت لم يقطعه أحد منهم.
أفاق سليمان من نومه بإرهاق و تعب ليكتشف أنه فقط كان
يحاول النوم عبثا و أن النعاس لم يكحل جفنيه أبدا طوال تلك الليله المنصرمه لينهض عن فراشه مسرعا و هو ينوي أن ينفذ ما بات يفكر به الليل بأكمله لتستوقفه زوجته قائلة صباح الخير يا سليمان مالك وشك تعبان كده ليه!
تنهد بتعب و أردف بصوته الأجش منمتش كويس بس كملي نومك إنتي لسه بدري.
إعتدلت لتنظر إليه بإهتمام و يدها تمتد إلي وجهه لتختبر حرارته ليبتعد عنها متأففا ويقول أنا كويس يا صافيه متشغليش بالك بيا.
حمحم بقوة قبل أن يقول صباح النور خير رايحين فين بدري كده!
أدركت أنه يقف بالشرفه لتستدير و تنظر نحوه ثم إبتسمت بصفاء فبادلها هو الإبتسامه قبل أن تستطرد كلماتها وتقول أبدا كنت رايحه أكشف علي نور لأنها تعبانه.
لينظر إليها بشرود و كم تمني أن يخبرها بأنه لم يبدد راحته و يقلق منامه سواها لينتبه علي صوتها تقول مكانش له لزوم تعطل مصلحتك عشاننا أنا كنت هاخدها للدكتور أنا.
نظر إلي الصغيرة قائلا بإبتسامة و دي تيجي! هو إحنا عندنا كم نور يعني!
الطبيب الذي قام بفحصها جيدا ثم قال وهو يلاطف الطفله نور شطورة و هتاخد الدوا مش كده يا نور!
أومأت الطفله بموافقه ليردف قائلا طيب و نور شطورة زي بابا ولا ماما بقا!
ليشعر سليمان داخله بمشاعر متضاربه لا يستطيع تحديد ماهيتها فقد كانت خليط من الإعجاب بكلمة بابا

انت في الصفحة 5 من 53 صفحات