كان لي
متقطع مهزوز
.. أنا مش عارفة يا بابا إيه اللي حصل لأمل ولا حتى عارفة هي فيها إيه الدكاترة من وقت ما أخدوها مننا على باب المستشفى ودخلوا أوضة الطواريء ومحدش ظهر ولما حاولت أسئل محدش رضي يفهمني أي حاجة.
ضم محمد جسد ضحى المرتجف إليه بساعده وضم جسد زوجته بذراعه الأخر وجال بعيناه يحدق بالوجوه الباكية الحزينة على ابنته وتسلح بقوته داعيا الله بأن يلهمه الصبر والجلد زفر پألم حين لمح إنكماش إيمان بزاوية بعيدة عن الجميع تبكي هي الآخرى بصمت بينما وقف خالد بجسد متصلب بجوار غرفة الطواريء وقد خلت ملامحه تماما من أي إنفعال فباتت لا تفصح عن أي شيء بينما كانت نعمة تجلس أمام باب الغرفة تحمل مصحفها بين يداها تقرأ بعيون أغرقت وجهها دموعا.
.. طمني على بنتي يا محمد وقولي إنها هتبقى بخير أبوس إيدك خلي حد من الدكاترة يقول لنا أمل مالها لأحسن أنا قلبي خلاص معدش قادر يتحمل وحاسة إن لو أمل جرالها حاجة أنا ھموت والله ھموت يا محمد لو بنتي جرالها حاجة.
.. وحدي الله يا ثريا وادعي لبنتك أمل محتاجة الكل يدعي لها وإن شاء الله كل حاجة هتبقى خير المهم أنا عايزك تهدي علشان خاطر بناتك ولا أنت مش شايفة حالهم عامل إزاي.
.. صدقني يا محمد مش قادرة قلبي وجعني قوي على أمل وخاېفة عليها.
ازدرد بكاؤها وهي تندس داخل صدره طلبا للأمان وأحتضنت ضحى معها فتحرك محمد بهما وساعدها لتجلس إلى جوار شقيقتها نعمة ولكنه أحتفظ بساعده فوق كتف ابنته وجذبها بعيدا عن السمع بعدما أشار لنعمة أن تحتوي شقيقتها وقال ليفاجئها بسؤاله
ازدردت ضحى لعابها بإضطراب وهي تفرك كفيها معا تفكر في كلمات تقصها على سمع والدها كي تبعد عن عقله الظنون والأفكار فقالت بعد برهة
.. اصل يا بابا أنا كنت شديت شوية مع إيهاب يعني حضرتك عارف كلنا أعصابنا مشدودة علشان الامتحانات أنا مكنش جايلي نوم فكنت هخرج أقعد فالبلكونة لاقيت إيمان بتخبط على باب الأوضة فتحت لها لقيت وشها أصفر وشكلها مش طبيعي قالت لي إن أمل وقعت فالحمام وإنها حاولت تفوقها ومعرفتش جريت عليها وحاولت افوقها لما مفقتش نزلت صحيت خالد وخالتو وجينا على هنا دا اللي حصل يا بابا وصدقني أنا مش عارفة إيه اللي حصل لأمل علشان تقع الوقعة دي.
.. بابا عاوز يعرف إيه اللي حصل يا أستاذ يا محترم وأنا مقدرتش اقوله إن أمل وإيمان كانوا عندك تحت فالفجر لأنه هيسئل كانوا بيعملوا إيه عندك فوقت زي دا وبصراحة مش بابا بس اللي عاوز يفهم أنا كمان عاوزة أفهم إيه السبب اللي يخليهم ينزلوا ليك وإيه اللي حصل بينكم وصل أمل
رفع خالد رأسه المنكس وحدق بضحى بدموع سجينة داخل مقلتيه وقال
.. أمل تفوق بس يا ضحى ونطمن عليها وبعدها اللي عاوزة تعرفيه أنا هقوله ليكي وهريحك.
أبتعدت عنه بعدما أحست بالسقم لوجودها بالقرب منه وأتجهت بروية إلى مكان والدتها وجلست إلى جوارها لتندس بين ذراعيها وتغمض عيناها.
بعد مرور قليل من الوقت فتحت غرفة الطواريء أخيرا وغادرها أحد الأطباء ليقف أمامهم وكان الحزن والأسى يرتسم فوق ملامح وجهه ولم يلبث أن أعتدل حتى حاصرته ضحى وثريا ونعمة باسألتهم وجذبه محمد بعيدا عنهم ليلتفت إليه فأشار للجميع وقال
.. لو سمحتم ممكن شوية هدوء أنا عارف إنكم قلقنين على أمل بس حقيقي اللي بتعملوه دا مينفعش بصوا أنا عارف إنكم عاوزين تتطمنوا عليها وأنا حاليا مش هقدر أقول غير إن حالتها الحمد لله أستقرت ودلوقتي أنا حابب أتكلم مع والد أمل.
ربت محمد على كتف الطبيب فأومأ له حمزة وأشار إلى مكتبه ليتبعه محمد بصمت فأسرع خالد خلفهم ليدركهم قبل أن يغلق حمزة الباب فحدق به بتساؤل ليجيبه محمد ويقول
.. دا خالد خطيب أمل بنتي يا دكتور قصدي جوزها يعني مش غريب.
سمح له حمزة بالدخول وأغلق الباب وحاول أن يرسم ابتسامة فوق وجهه يطمئنهم بها ولكنه فشل فأشار إليهما ليجلسا وقال
.. لو سمحتو ارتاحوا.
فرت دموع محمد رغما عنه وقال بصوت مكلوم
.. ارتاح وهي هتيجي منين الراحة يا دكتور وأنا مش عارف بنتي أمل مالها وليه غابت معاكم جوا كل الوقت دا دا انتم ليكم أكتر من ست ساعات يا دكتور فأرجوك أرحم شيبتي وطمني على بنتي.
خفض حمزة رأسه تهربا من عينا محمد وقال
.. قبل ما أقول لحضرتك حالة أمل بالظبط أنا ليا طلب عندك يعني أنا عاوزك تعرف إن كل حاجة بأمر الله وإننا حقيقي حاولنا نسعفها على قدر المستطاع لكن للأسف أمل وصلت المستشفى وهي فحالة خطېرة بسبب جلطة فالقلب ومع ضعف حالة القلب اللي عندها كان الموقف صعب جدا معاها ومعانا لإن الأدوية مأسعفتش معانا بالصورة المطلوبة فإضطرينا إننا نعمل قسطرة لقلبها علشان نقدر نسهل مرور الډم وبصراحة أنا عاتب على حضرتك يعني إزاي تسيبوا حالة القلب عند أمل توصل للحد دا من الاهمال.
حدق كلا من محمد وخالد بحمزة پصدمة وتمتم محمد وهو لا يصدق ما سمعه وقال
.. بنتي أمل عندها جلطة وفالقلب طب إزاي يا دكتور مش معقول اللي حضرتك قولته أكيد واحدة تانية أنا بنتي عمرها ما اشتكت من قلبها فتقولي جالها جلطة ودي هتجيلها منين لا حول ولا قوة إلا بالله لطفك بينا يا رب لطفك يارب .
لم يتمكن خالد من الكلام فقد اصاپة تصريح حمزة بالعجز عن الحديث فنكس رأسه يتأكله إحساسه بالندم فوقف سريعا وعيناها تلمع بدموع الخزي والذنب وأستأذنهم وغادر ليوضح محمد لحمزة أن حب خالد لأمل ليس له حدود وأنه قبل أن يكون زوجها فهو من قام بتربيتها هز حمزة رأسه بتفهم وقال
.. انا عارف إن الكلام اللي قولته صعب بس حقيقي يا أستاذ محمد أنا مش قادرة لحد دلوقتي أستوعب إزي بتقول إن أمل عمرها ما أشتكت من حاجة وهي مريضة قلب وواضح