الإثنين 25 نوفمبر 2024

سيد القصر الجنوبي

انت في الصفحة 17 من 19 صفحات

موقع أيام نيوز


هناك کاړثة ستحل أو حلت بالفعل. ولكن ما رآه كان فأرا صغير ينحدر بسرعة خاطفة من أعلى الدولاب الخشبي حتى سقط على الأرض وتسلق مقعد قصير أمام الهيكل الخشبي للمرآة ثم طاح مبعثرا أدوات تصفيف الشعر وأحدث ضجيج مزعج.. وانتفضت فرحة صاړخة واختبأت خلف ظهر زايد وهي تحاوط كتفيه وتشير للفأر وتقول بهلع _ قوم اضربه قبل ما يجي علينا ....!! كان سيبعدها عنه ليس نفورا ولكن حتى لا تشعر بمقاومته ومعركته النفسية فأزاح يدها عن كتفيه بشيء من القسۏة والجمود ولكنها عادت وتمسكت بكتفيه مرة أخرى وكانت بذات الوقت تتوسله لكي ينهض ويبعد عنها ذلك الشيء المخيف فصاح بها وهو يلتفت قليلا للخلف وقال _ اقوم أزاي وأنتي كده ! وببداية الأمر لم تفهم ما يقصده تماما ولكنها ادركت عندما وعيت لمدى قربها منه وشدة تعلقها بكتفيه ..! ارتبكت فرحة وابتعدت عنه حتى نهض زايد متوجها نحو المرآة ولكن قفز الفأر وركض نحو حمام الغرفة وصړخت فرحة وركضت مختبأة داخل الدولاب وهي ترتجف وعلى وشك البكاء .. ولكن كان الفأر قفز مبتعدا من النافذة الصغيرة للحمام فوقف زايد ناظرا له للحظات ثم اقترب وأغلق النافذة الصغيرة وقد أنتهى الأمر ببساطة ..! وعندما عاد للغرفة وجدها فارغة ولم ينتبه لها أثناء تسللها واختبائها فظن أنها لربما اختبأت بغرفة أخرى وكان سيقطع تلك الخطوات البسيطة إليها ولكن تراجع وعادت همته أدراجها فور شروق غضبه منها من جديد فتنهد بعمق شديد كأنه يحاول استنشاق مكثف للهواء ليصل بقوة لقلبه المخټنق .. وتوجه لخزانة الملابس لأخذ منشفة حتى فوجئ بها جالسة تضم ركبتيها لصدرها وتحاوطهما بذراعيها في حماية ... رفعت رأسها ذو الشعر الكثيف التي أكد عليها أن تتركه على لونه الأسود الفحمي دون تغيير ونظرت له بتوجس وشفتيها ترتعشان من الخۏف قائلة _ هو مشي ! اضطرب بعض الشيء من تصرفاتها العفوية التي لا ينكر أنها تغويه وقال بثبات ورباطة جأش _ أطلعي .. نظرت فرحة من مكانها الضيق لرحابة الغرفة بعينا مضطربتان واعادت السؤال قائلة پخوف حقيقي _ أنا عندي فوبيا من الفيران والصراصير مابقدرش أشوفهم وأعصابي بتتعب. كانت تبدو صادقة تماما خۏفها لا يعكره الخداع ولا تشوبه شائبة التصنع والزيف ومن أكثر منه يدرك معنى أن تضطرب النفس من شيء ! حتى لو كان تافها كرؤية فأر أو ما شابه ! .. كاد أن يتحدث ولكنه أن فعل ستشعر بتعاطفه معها فنظر لها بحدة ثم ابتعد نحو نافذة الغرفة الزجاجية المغلقة وقال مواليا ظهره لها _ نط للشارع .. اطلعي .. تنفست فرحة الصعداء رغم أن جسدها ما زال يرتجف وخرجت من الدولاب وشعرت ببعض الخدر في جسدها وهي تنهض وانتفض وعيها عندما وجدته يقف قريبا وبعيدا بآن واحد !!! وتذكرت مأساتها الكارثية معه.. وقالت مرتبكة لتشرح سبب مكوثها بتلك الغرفة _ جيت بليل آخد هدومي لقيتك اااا.. لقيت حرارتك عالية شوية عملتلك كمادات لحد ما نزلت .. خۏفت أسيبك لوحدك وسهرت جانبك.. معرفش نمت أزاي ..! كانت كلماتها متتابعة وأيضا متقطعة تتنفس بعمق وتوتر بين الجمل كأنها تنتقي أفضل ما لديها من كلمات ورغم صډمتها بما اكتشفته بالأمس إلا انها لا تريده أن يثور بذلك الغليان المخيف مجددا... ومضى لحظات مرت طويلة وبطيئة الحركة حتى قال بصوت أثار خۏفها رغم هدوءه _ اللي حصل ده ما يتكررش حتى لو شوفتيني بمۏت. لم تكن إجابته صاډمة بل كانت أكثر من متوقعة ولكن الصاډم أنه لم يعد يترك لها مساحة للرد !! فقد ابتعد عن النافذة وأخذ منشفة من الخزانة وتوجه مباشرة لحمام الغرفة!! .. وسكنت فرحة قليلا تنظر للفراغ بصمت وتملكا منها مشاعر الحيرة والحزن سيكون أنفصالها عنه كحكم إعدام لسعادتها هي تشعر بحدسها أنه بريء وظلم بتلك القضية وهذا ما أكده والده وشقيقه بالأمس حتى الطبيب كان يدافع عنه عندما أتى ولكن يبقى الدليل الخطوة الأخيرة والحاسمة .. تحامل الرجل العجوز على عصاه وتوكأ عليها بجسده المړيض وقرر أن يذهب للقصر ليرى أحوال الصغار ويطمئن سيد القصر عليهم بعدما مرت ساعات طويلة وهو طريح الفراش ولكنه ما أن بحث عن مفتاح البوابة أسفل الوسادة لم يجده !! .. وكرر المحاولة ولم يجد شيء أيضا فبدأ يشعر بالقلق وهو يقول بين سعاله الشديد _ يا ترى المفتاح راح فين ! .. لو مالقيتهوش هتبقى مصېبة وحلت فوق دماغي ..! ولم يجد له أثرا وهذا يعني أن الفتيات سيبقين مسجونات بالقصر حتى يأتي السيد ! ... فخرج من غرفته المجاورة للبوابة الخارجية وقرر الاستعانة بالصبية حتى يفتح البوابة الداخلية للقصر وهنا فجع عندما وجد البوابة بالفعل على مصراعيها وشعر بفزع واشتدت تجاعيد وجهه وهو ينظر للقصر المفتوح بابه على مصراعيه وللمبنى الآخر المفتوح بابه أيضا ويبدو أن لا أحد بداخله !! .. جف الريق بحلق العجوز وشعر بدوار وهو يتوجه نحو القصر .. وبتلك اللحظة كانت جيهان تقطع الحلوى لقطع متساوية تكف الصغار كلهم وكانت تتعجب من نفسها وهي تبادلهم المزاح والضحكات الرنانة ولم تشعر بالوقت والمجهود الذي بذلته في أنهاء إعداد الحلوى بتلك الكمية الكبيرة .. وحينها قال شاندو محذرا الصغار من علو صوتهم وقال _ وطوا صوتكم شوية لعم مغاوري يصحى ويسمعنا. خطڤ عصفور قطعة حلوى والقاها بفمه متلذذا بذوبان سكرها ومحتوياتها الشهية ثم قال _ عم مغاوري لو مشي قطر جانبه وهو تعبان ونايم مش هيسمعه. تعجبت جيهان من حديثه وقالت _ مين عم مغاوري ده وهو فين ما شوفتهوش خالص ! أجاب بقلظ وهو ينظر للحلوى منتظرا بشهية وشوق _ ده حارس القصر راجل عجوز ويدوب بيتنفس .. ابتسمت جيهان للصغير وأخذت قطعة من الحلوى وقربتها لفمه واستقبلها بقلظ بفرحة عارمة وابتلعها بفمه حتى أثار صوت العجوز خوف الصغار وهرعوا نحو جيهان كطفل يركض لذراعي أمه ونظر الرجل بريبة للحسناء الغريبة التي تقف بالمطبخ الفسيح وتعد حلوى رائحتها اخترقت أنفه منذ لحظات وقال بتعجب _ أنتي مين يابنتي ! ورغم خوف الصغار إلا أنها ظلت ثابتة وأجابته بهدوء _ أنا توهت عن طريقي و... تدخل شامي بالحديث _ وطلع عليها مچرم وكان عايز ياخدها بالڠصب ضربناه أنا والعيال وخليناها معانا يا عم مغاوري .. ماتقولش أننا غلطنا ده أنت راجل صعيدي وجدع وماتقبلش تشوف واحدة في مشكلة وتسيبها..! كان يقصد الصبي أن يحرج العجوز ولكن العجوز فطن لذلك وقال بصدق _ لا مش غلطانين يا ولدي بس انتوا عارفين اللي فيها لو عليا أسيبها أنما يعني ... ولم يتابع وبدأت تشعر جيهان بالخۏف من هذا السيد المجهول الذي يرتعب منه الجميع ولا يقبل الغرباء بقصره المخيف هذا !! ... ترى ما وراء هذا الرجل المجهول! ... لابد کاړثة أو عقد نفسية أو طباعه هكذا ! ... وقطع
 

16  17  18 

انت في الصفحة 17 من 19 صفحات