ظنها دميه بين اصابعه بقلم سهام صادق
الأريكة يتساءل پذعر.
_ بتقولي رجليها التوت يا عايدة... قومي خلينا نوديها للدكتور.
ابتسمت عايدة ابتسامة واسعة وهي ترى فزع زوجها على ابنة شقيقه وفي داخلها كانت تتمنى أن ترى ليلى قلق عمها عليها لعلها تسامحه.
_ يا عزيز البنت كويسه صدقني ومفيهاش حاجه... هقوم احضر العشا واناديها نتعشا كلنا سوا.
نهضت عايدة من جواره ثم اتجهت نحو المطبخ لكن بعد عدة خطوات توقفت واستدارت بجسدها قائلة.
حرك عزيز رأسه بتفهم فعليه شكر سيده غدا..
جفاها النوم هذه الليلة وهي تسترجع أحداث اليوم.
أطبقت على جفنيها بقوة لعلها تطرد من رأسها ما حدث.
إنها كانت قريبة منه للغاية... جاورته
في سيارته التي كانت معبئة برائحته.
ارتفعت وتيرة أنفاسها مع خفقان قلبها الذي صار مغرم به.
لو كان هناك أمل لغفيانها هذه الليلة قد قضى أمر حذائها على هذا الأمل.
خرجت نحنحة العم سعيد عند دلوفه المطبخ فاستدارت ليلى على الفور ناحيته بابتسامتها الرقيقة.
_ صباح الخير يا بنتي.
_ ليه يا بنتي تعبتي نفسك...
ثم نظر نحو قدمها وتساءل.
_ بقيتي أحسن دلوقتي.
هزت ليلى له رأسها سريعا فالتواء قدمها لا يستحق هذا القلق منهم.
_ الحمدلله... أنتوا بس قلقانين عليا زياده.
_ وإحنا عندنا كام لولو عشان نقلق عليها.
قالتها عايدة وهي تدلف المطبخ وتعقد وشاح صغير حول رأسها وتتثاءب فقد استيقظت للتو من نومها.
_ مش قولتلك يوم الجمعه بس اللي مسمحولك فيه تحضري لينا الفطار.
_ صح يا بنتي اسمعي الكلام ليه بتتعبي نفسك وأنت وراكي شغل بعد ساعتين وبتفضلي طول اليوم واقفه.
اتسعت ابتسامة ليلى ونظرت إليهم.
_ مين قال إني بفضل واقفه في الشغل... صدقوني أنا بكون مبسوطه وأنا بحضر الفطار ونفطر سوا.
ضاقت نظراته وهو يميل قليلا ناحية المرآة بعدما التقطت عيناه تلك الشعيرات البيضاء التي بدأت تغزو لحيته التي تركها مؤخرا لتنمو دون حلقها كما أعتاد.
أشاح عيناه عن المرآة واتجه نحو الكومود ليتلقط من عليه هاتفه.
تعلقت عيناه به ثم رفع يده يحركها على خصلات شعره بتفكير شاردا بليلة أمس... فالحذاء سقط منها أسفل المقعد الذي كانت تجلس عليه وقد أعطاه له الحارس مسعد عندما تولى مهمة وضع السيارة بالجراج الداخلي للمنزل بدلا عن العم سعيد.
اقترب من الطاولة والتقط فردتي الحذاء.. فلم يكن إلا فردة واحدة انكسر كعبها.
أسبل جفنيه للحظة وقد عاد صوتها وهي تخبره ب حزنها يخترق رأسه.
لقد كانت حزينة على حذائها لأنه ذكرى من المرأة التي تبنتها وربتها.
هز عزيز رأسه ليطرد صورتها وهي تبكي وتشكو له سبب حزنها.
زفرة طويلة خرجت من شفتيه ثم ترك الحذاء مكانه وكاد أن يفتح باب الغرفة ويغادر إلا أنه عاد والتقط الحذاء وغادر بعدما وضعه داخل حقيبة بلاستيكيه.
أسرع السائق مترجلا واتجه نحو المقعد الخلفي ليفتح باب السيارة.
أطرق رأسه وافسح الطريق حتى يهبط سيده من السيارة.
ببطئ يناسب سنوات عمره ترجل شاكر ثم انتصب واقفا بصعوبة وقبض على مقدمة عصاه الأبنوسية.
صوب شاكر عينيه نحو واجهة المكان الصغير الذي يحمل اسم متجر حلوى.
بخطوات بطيئة تحرك نحو المتجر الذي خرج منه للتو أحدهم وهو يحمل علبة حلوى صغيرة.
عندما انفتح باب متجر الحلوى واصدر صوتا انتقلت الأعين نحو شاكر الذي دلف المتجر بهيبته التي ما زال محتفظا بها رغم شيخوخته.
رفع نائل عيناه عن طبق الحلوى الذي كان يتناول منه قطعة البسبوسة التي يزنها له صاحب المتجر بالجرام.
ضاقت نظرات نائل عندما تلاقت عيناه بعيني شاكر.
فلم يلتقوا منذ جنازة أحد أصدقائهم بالعام الماضي وكان لقائهم مجرد تصافح بالأيدي.
انتقلت أنظار صاحب المتجر نحو شاكر الذي استكمل خطواته قاصدا طاولة واحدة.
_ شاكر
تمتم بها نائل بدهشة من وجود شاكر بمكان بسيط كهذا.
_ ازيك يا نائل.
قالها شاكر وهو يزيح المقعد قليلا ليجلس عليه ثم واصل كلامه بعدما جلس على المقعد وفرد أحد ساقيه.
_ مالك مستغرب وجودي.
_ شاكر الزيني مبيجيش أماكن متواضعة كده.
ابتسم شاكر ابتسامة عريضه ثم أشار للعامل بأن يقترب منه.
_ قطعتين بسبوسة وزود القشطة عليها يا بني.
هز العامل رأسه وكاد أن يبتعد بعدما دون الطلب لكنه توقف عندما أردف شاكر.
_ وياريت فنجان قهوة سادة.
استعجب العامل طلبه لكنه ابتعد على الفور ليجلب له طلبه.
ترك نائل شوكته جانبا ثم مسح شفتيه بالمحرمة المطوية جانب طبقه وعلى محياه ارتسم التساؤل.
_ كنت قريب من هنا ... وأنا عارف كويس