لمن القرار
يأتي إلا عندما يستدعيه السيد سليم كما أصبحت تفهم عن طبيعة عمله الذي لا يعد عملا.. أنشغل حازم في محادثته عبر هاتفه ولكن سرعان ما تذكر أمر الدواء
هتعرفي تروحي تجيبي العلاج
اه يا بيه.. في صيدلية على أول الشارع
رمقها فاحصا لها بعينيه متعجبا من صغر سنها فصديقه لم يكن يوما يفضل الخادمات الصغيرات.. أعطاها المال يخبرها بنبرة أعتادت عليها
روحي هاتي العلاج بسرعة وبلاش لكاعة
سعل سليم بشدة محاولا النهوض من فوق فراشه
من أمبارح وأنت شكلك تعبان بس لازم تفضل تعند كتير
اعتدل في رقدته بعدما عدل له حازم موضع وسادته
كنت بتصل بيك عشان أوراق القضية الخدامة ردت عليا
فتون
نطق أسمها بهدوء وقد أرخي رأسه للخلف يطالع صديقه
ايوة ياسيدي فتون..
وطالع ساعته حانقا من تأخيرها
مع اني قولتلها هاتي الدوا بسرعه لكن أقول أيه على الخدامين لازم يتلكعوا
حاول أن يعتدل من فراشه بعدما ألقى صديقه عليه عبارته الأخيرة فهو خير من يعلم أن فتون مازالت تجهل الأماكن هنا ولا تعرف كيف تتصرف وحدها
مبعتش حسن ليه
هو حسن فاكر نفسه سواق عندك... ده فاكر نفسه باشا حتى المؤسسة مش بيجيها غير لما نطلبه.. انا مش عارف يا سليم أنت ليه متمسك بي لحد دلوقتي
عشان أبوه الله يرحمه
أزداد في سعاله فأقترب منه قلقا يناوله كأس الماء
مش لو كنت متجوز دلوقتي كان زمان واحده قاعده جانبك بتراعيك..
وأردف مستنكرا ذلك الزواج الذي لا يعترف به ولا يراه زواج
بدل ما أنت مقضيها جواز وقتي وكام ليلة حلوه
مش كل الستات زي مراتك يا حازم... وخد بعضك وأمشي
ما أنا همشي يا أستاذ بس الخدامة بتاعتك تيجي بالدوا... أنا غلطان إني أعتمدت عليها
رمقه ممتعضا يغمض عيناه
بدل ما أنت واقف كده بتديني نصايح.. كنت روحت أنت جبت العلاج مش ودتها هي
وهي شغلتها أيه
أكتر حاجة نفسي تبطلها النفخة الكذابة... اللي ورثتها عن فريال هانم
الدوا يا سليم بيه
التقطت أنفاسها بصعوبة تنظر إليهما وقد لمعت عيناها فرحا وهي تراه مستيقظا
باقي الفلوس يا حازم بيه
خليهم ليكي
لم تكن نية حازم أن يشعرها بوضعها ولكنه كان معتاد علي أسلوبه هذا.. تعلقت عيناها بالمال وقبل أن تخبره أنها ليست بحاجة إليه
ياريت كوباية ماية ولا هتفضلي واقفة كده كتير
تعلقت عيناها بكأس الماء الفارغ الذي يعطيه لها.. أسرعت تجلب دورق الماء وكأس أخر ممتليء
ناوله علاجه ملتفا نحوها
روحي أعملي شربة يشربها.. بدل وقفتك هنا
لم يكن سليم بحالة تساعده أن يردع صفاقة حازم التي لا يغفل عنها.. عادت بأدراجها للمطبخ تشعر وكأن شيء يلتف حول عنقها ېخنقها
بدأت تطهو له الشربة تخبر حالها أن السيد سليم مريض ولا ذنب له في بؤسها
أعمليلي فنجان قهوة مظبوط وهتهولي على مكتب سليم
هتف بها حازم وهو يقف على أعتاب المطبخ.. أرتجف جسدها على أثر صوته ولكنها تمالكت
رجفتها تنظر إليه وهي تحرك رأسها
ألتف بجسده منصرفا ولكنه توقف
فلوسك يا بيه
عاد يطالعها بنظرة فاحصة فمنذ متى والخدم يرفضون المال
سليم بيه بيديني مرتبي
أعطته المال الذي باتت تكرهه... ضاعت أحلامها من أجل المال فكيف كان سيتحمل والدها نفقات تعليمها ولديها من الأخوه سابعة غيرها.. تزوجت حسن حتى يخف الحمل قليلا ففي النهاية الفتاة ليس لها إلا بيت زوجها كما كانت تحفظ ..جعلها حسن خادمة يبرر لها عملها الذي أجبرت عليه فالحياة صعبها والزوجة لا بد أن تعاون زوجها.. فماذا صنع المال لها
أخذ المال منها بعينين مذهولة.. غادر نحو غرفة المكتب الخاصة بسليم يبحث عن بعض الأوراق وينتظر قهوته
أنصرف أخيرا بعدما ألقى عليها بعض الأوامر.. أنهت إعداد الشربة التي فاحت رائحتها وأقتربت من غرفته تطرق بابها ولكنه لم يجيب عليها.. خطت للداخل بعدما أمرها بضعف أن تدلف
الشربة يا بيه زي ما حازم بيه قالي
شكرا يافتون مش جعان..تقدري تروحي
أروح وأسيبك كده يا بيه..
أنا كويس مش محتاج حاجة
ولكن أعتراضه كان واهيا كحال جسده.. ولم يكن إلا بحاجة لأحد جواره
...........
دار حول نفسه بعدما وصلته رسالة شقيقته عبر أحد الأشخاص.. لعڼ نفسه وغباءه انه ترك هاتفه في الفندق الذي قضى فيه ليلته الأولى في العاصمة قبل أن ينتشر الفريق الطبي بباقية الدولة.. أراد أن يرح عقله قليلا الذي أنهكه في الأيام الماضية وينتبه لعمله حيث يتطلب منه كامل تركيزه
كاد أن يخرج من الغرفة الصغيرة المقيم فيها الفترة الحالية.. فأصطدم جسده بزميلا له
كمال انا عايز تذكرة طيارة تكون الليلادي
صعب يارسلان
حاول تتصرف يا كمال
..........
وقفت أمام مرآتها تنظر لملامح وجهها الباهتة.. عيناها قد ذبلة من شدة البكاء.. ناهد تضع حبها كأم مقابل مقابلتها لذلك العريس الذي لولا الظروف التي حدثت له لكان قد أتى ولكنه سيأتي حتما فلا مفر من الأمر
زفرت أنفاسها بعمق تستجمع شجاعتها ستخبر والدتها اليوم بحبها لرسلان منذ زمن وحبه لها.. ستنهي ۏجع قلبها وتضع نهاية لتلك العلاقة المرهقة التي تحاوطها العاتمة
خرجت من غرفتها التي أصبحت معتكفة بها أغلب وقتها.. شجعت نفسها للمرة الأخيرة قبل أن تقترب من والدتها حيث كانت جالسة تتابع أحد البرامج
ماما ممكن نتكلم شوية
تعالي ياملك
قالتها بأبتسامة زادتها شجاعة.. فجلست جوارها تفرك يداها
فرحيني وقوليلي أنك مقتنعة بالعريس...عايزه أفرح بيكي عشان أفوق لأختك وموضوعها مع رسلان
بس رسلان عمره ما حب مها
تجمدت عينين ناهد من تلك الحقيقة التي ليست مقتنعة بها
مين قال كده..أنت شكلك يا ملك مش عايزه لأختك السعادة
تعمدت في رمي عباراتها.. هي تحبها وقد أعطتها المزيد من حبها ولولا حبها ما كانت أصبحت ما عليه الآن.. لكانت صارت طيلة عمرها تكافح في الحياة ومهما فعلت لظلت فتاة بلا نسب... فمن حقها أن تبحث لأبنتها عن السعادة والعيشة الرغدة ولن يحققها إلا رسلان
لكن رسلان..
قاومت تراجعها... ولكن ناهد كانت لا تريد إلا سماع ما ترغب
ملك لازم تعرفي أن سعادتي في جواز رسلان من مها ولازم تساعدي أختك.. ولا أنت مبتحبهاش.. ردي عليا
الغصة استحكمت حلقها..قاومت دموعها تحرك رأسها يمينا ويسارا فكيف لا تحب مها إنها شقيقتها الصغرى
يبقي مدام بتحبي أختك تسعي معايا أننا نجوزها لرسلان سمعاني
قوة الألم كانت مهلكة تشعر وكأن حبلا يلتف حول عنقها..تتسأل داخلها ماذا فعلت في تلك الحياة حتى يكون نصيبها من الألم هذا
..............
أتسعت عيناها إنبهارا تنظر نحو تلك السيدة الأنيقة التي تقف أمامها... لم تمهلها تلك الضيفة الحسناء لحظة تسألها عن هويتها بل سارت للداخل
فين سليم
نقوله مين ياهانم
ألتفت إليها تلك الجميلة تتأملها متفحصة هيئتها
هي ألفت فين... أنت خدامة هنا
مدام